قول الحجّة ، فراجع كلماتهم فيما إذا اختلفت الامّة على قولين ولم يكن مع أحدهما دليل ؛ فإنّ ظاهر الشيخ رحمهالله (٣٣) الحكم بالتخيير الواقعي ، وظاهر المنقول عن بعض طرحهما والرجوع إلى الأصل (٣٤) ، ولا ريب أنّ في كليهما طرحا للحكم الواقعي ؛ لأنّ التخيير الواقعي كالأصل حكم ثالث. نعم ، ظاهرهم في مسألة «دوران الأمر بين الوجوب والتحريم» : الاتّفاق على عدم الرجوع إلى الإباحة ، وإن اختلفوا بين قائل بالتخيير (٣٥) وقائل بتعيين الأخذ بالحرمة (٣٦).
______________________________________________________
فإنّ المسلم والمتيقّن من كلامه هو الرجوع إلى أصل ثالث لا يلزم من العمل به إلّا مجرّد مخالفة التزاميّة ، كأصالة الإباحة فيما نحن فيه. وعلى ما ذكرناه يكون مرجع الضمير هو طرح قول الإمام عليهالسلام من حيث الالتزام ، لا عدم جواز الطرح من حيث العمل ، وإلّا فلا يتمّ استشهاد قول الشيخ والمنقول عن بعض.
ثمّ إنّ استظهار التخيير الواقعي من كلام الشيخ قد تقدّم وجهه عند بيان ما يتعلّق بالموارد التي ورد في الشرع فيها جواز مخالفة العلم التفصيلي المتولّد من العلم الإجمالي. وأمّا وجه ما استظهره من كلام البعض ، فإنّ الظاهر من حكمه بالرجوع إلى مقتضى الأصل هو الرجوع إلى أصل ثالث مخالف للقولين ، وإلّا فالرجوع إلى أصل موافق لأحدهما في الحقيقة عمل بأحد القولين لا بالأصل. وأمّا بناء على كون مراد الشيخ هو التخيير الظاهري ، كما يظهر من المحقّق القمّي رحمهالله ، وكذا مراد البعض من الأصل هو خصوص الأصل الموافق لأحد القولين ، فلا يستلزم كلامهما جواز المخالفة الالتزاميّة أيضا كما لا يخفى.
وممّا ذكرناه يظهر أنّ قوله : «فإنّ ظاهر الشيخ ...» تعليل لمعروفيّة جواز المخالفة الالتزاميّة ، في قبال احتمال ما ذكرناه من إمكان كون مرادهما ما لا يستلزم تجويز المخالفة الالتزاميّة أيضا ، لا في قبال احتمال كون مرادهما ما يشمل المخالفة العمليّة أيضا ، وإلّا فلا وجه لما استظهره من كلامهما ، لعدم شمول كلام الشيخ للمخالفة العمليّة أصلا حتّى يستظهر خلافه. وكلام البعض أيضا عامّ لها وللمخالفة