وأمّا الشبهة الحكميّة (١١٥)
______________________________________________________
على خلافها ، وهو بناء العقلاء كما لا يخفى.
١١٥. حاصله : أنّ أصالة عدم الوجوب والحرمة هنا وإن لم تخرج مجراها من موضوع التكليفين ، لكونها منافية للدليل الدالّ على الحكم الواقعي المعلوم إجمالا ، لا حاكمة عليه كما في الشبهات الموضوعيّة على ما تقدّم في الحاشية السابقة ، إلّا أنّ المانع من إجراء الأصل هنا إمّا لزوم مخالفة العمل للحكم المعلوم إجمالا ، أو للالتزام به. والأوّل مفروض الانتفاء ووجوب الثاني غير معلوم ، فالأصل يقتضي عدمه ، أو معلوم العدم كما هو ظاهر كلامه. وذلك لأنّ ما يدلّ على وجوبه على ما يستفاد من كلامه وجوه غير ناهضة لإثباته :
أحدها : اقتضاء نفس الحكم الواقعي المعلوم إجمالا وجوده في المقام ، لأنّ ثبوت الحكم في الواقع بنفسه مقتض للتدين والالتزام به. ولذا قد أفتى بعض متأخّري المتأخرين بوجوب الفحص عن المال الذي يشكّ في بلوغه إلى حدّ النصاب في الزكاة أو إلى حدّ الاستطاعة في الحجّ. وعلّله في الرياض «بعدم دليل على العمل بأصالة البراءة حينئذ غير ما يقال : من أنّ بلوغ النصاب شرط ولم يعلم حصوله ، فأصالة البراءة لم يعارضها شيء. وفيه : أنّ مقتضى الأدلّة وجوب الزكاة في النصاب ، وهو اسم لما كان نصابا في نفس الأمر من غير مدخليّة للعلم به في مفهومه ، وحينئذ فيجب تحصيل العلم والتفحّص عن ثبوته وعدمه في نفس الأمر ولو من باب المقدّمة» انتهى. ومقتضاه أنّ العلم بثبوت التكاليف في الواقع ولو إجمالا بنفسه مقتض للعمل والالتزام به ، ومقتضاه وإن كان وجوب الاحتياط في الشبهات البدويّة إلّا أنّا قد خرجنا من مقتضى القاعدة فيها بأدلّة البراءة.
فإن قلت : إنّها مقتضية لنفي الوجوب في مسألة الزكاة والحجّ أيضا كما هو المشهور ، لكون الشبهة فيها أيضا بدويّة.
قلت : نعم ، ولكن بقاء تلك المسألتين تحت الأصل الأوّلي وخروجها من