.................................................................................................
______________________________________________________
تحت أدلّة البراءة ـ على تقدير تسليمه ـ إنّما هو لأجل لزوم المخالفة الكثيرة على تقدير ترك الفحص ، وهو بنفسه محذور مانع من جريان البراءة كما لا يخفى.
والجواب : منع كون ثبوت التكاليف الواقعيّة مقتضيا للالتزام بها ، لأنّ وجوبه إنّما هو من باب المقدّمة للإطاعة والامتثال غير المعتبر في تحقّق الواجبات التوصليّة التي هي محلّ الكلام في المقام كما تقدّم.
والحاصل : أنّ ما يعتبر في تحقّقه عنوان الإطاعة الذي يتوقّف على الالتزام بالحكم ـ كالواجبات التعبّدية ـ خارج من محلّ الكلام ، وما هو محلّ الكلام لا يعتبر فيه ذلك. وإن اريد من الإطاعة عدم العلم بمخالفة العمل للواقع وإن لم يقع بقصد الامتثال ، فهو حاصل في المقام من غير التزام. وهذا هو المراد من الإطاعة في كلام المصنّف ، ولذا أثبتها بمجرّد فرض عدم مخالفة العمل للواقع في المقام بإعمال الاصول ، وإلّا فمجرّد عدم المخالفة أعمّ من حصول الإطاعة ، كما في الواجبات التوصليّة ، لإمكان تحقّقها من دون حصول إطاعة.
وأمّا وجوب الالتزام بما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله الذي هو من لوازم الإيمان فهو أيضا حاصل في المقام ، إذ ما يعتبر فيه هو الالتزام بما جاء به على ما هو عليه في الواقع ، فإن علم ذلك تفصيلا يجب الالتزام به كذلك وإلّا فإجمالا. والأوّل لا يوجب الالتزام بأحد الاحتمالين تخييرا في موارد ما نحن فيه. والثاني حاصل بالفرض. وهذا غير الالتزام بالحكم في مقام العمل ، لأنّ مرجعه إلى تحصيل الاعتقاد بالواقع لإيقاع العمل على طبقه. والحكم بوجوبه إنّما يتمّ فيما يتوقّف العمل عليه كما في العبادات ، لعدم صحّتها إلّا بقصد الإطاعة والامتثال ، بخلاف ما نحن فيه ، كما سيشير المصنّف رحمهالله إليه ونشير إلى توضيحه.
وثانيها : تولّد خطاب ثالث من انضمام الخطابين المحتملين في المقام ، وهو قولك : اعمل بأحدهما ، لأنّ مقتضاهما وإن كان هو الالتزام بكلّ منهما تعيينا ، إلّا أنّه لعدم إمكان الجمع بينهما ـ لفرض دوران الأمر بين المحذورين ـ يجب الالتزام