أمّا في الشبهة الموضوعيّة (١١٤) ؛ فلأنّ الأصل في الشبهة الموضوعيّة إنّما يخرج مجراه عن موضوع التكليفين ، فيقال :
______________________________________________________
١١٤. حاصله : أنّ العمدة في منع جريان الاصول في المقام هي مخالفتها للأدلّة الدالّة على ثبوت الأحكام الواقعيّة التي تجب الالتزام والتديّن بها ، والمخالفة إنّما تحصل مع ثبوت تلك الأحكام ، وهو فرع ثبوت موضوعاتها ، بمعنى أنّ أصالة إباحة وطء المرأة المردّدة بين من وجب وطؤها بالحلف ومن حرم وطؤها به ، إنّما تخالف ما دلّ على وجوب الوفاء بالحلف على تقدير ثبوت كون هذه المرأة من وجب وطؤها بالحلف أو من حرم وطؤها به ، وأمّا مع خروجها من تحت موضوع الحكمين لأجل أصالة عدم تعلّق الحلف بوطئها ولا بتركه ، فلا تندرج هذه المرأة تحت موضوع الوجوب والحرمة حتّى تلزم المخالفة. فيكون هذان الأصلان حاكمين على الأدلّة الدالّة على وجوب الوفاء بالحلف. وكذلك استصحاب طهارة البدن والحدث يخرج محلّه من موضوع ما دلّ على تنجّس ما لاقى نجسا وعلى حصول الطهارة بالتوضّؤ ، بخلاف الاصول الجارية في الشبهات الحكميّة ، لكونها مخالفة لنفس الدليل المثبت للحكم على نحو ما قرّره.
ومن هنا يظهر أنّه لو ثبت جواز المخالفة الالتزاميّة في الشبهات الحكميّة فثبوته في الشبهات الموضوعيّة بطريق الأولويّة ، لما عرفت من عدم كون جريان الأصل في الثانية منافيا لوجوب الالتزام بالأحكام الواقعيّة ، بخلاف الاولى ، فيمكن القول بجواز المخالفة في الثانية وإن قلنا بوجوب الالتزام في الاولى ، ولأجل ذلك خصّ الكلام في وجوب الالتزام وعدمه بالشبهات الحكميّة ولم يتعرّض له هنا.
فإن قلت : أيّ فرق في الشبهات الموضوعيّة بين ما يلزم فيه المخالفة الالتزاميّة وما يلزم فيه المخالفة العمليّة؟ حيث إنّ ظاهر المصنّف رحمهالله في الأوّل جريان الاصول من دون إشكال ، وفي الثاني عدم جريانها كذلك. وما ذكره في وجه عدم الجريان في الثاني جار في الأوّل أيضا كما لا يخفى. ومجرّد كون المخالفة في الأوّل لخطاب