الشبهة الموضوعيّة والحكميّة معا ، سواء كان الاشتباه والترديد بين حكمين لموضوع واحد كالمثالين المتقدّمين ، أو بين حكمين لموضوعين (١١٣) كطهارة البدن وبقاء الحدث لمن توضّأ غفلة بمائع مردّد بين الماء والبول.
______________________________________________________
١١٣. وذلك لأنّ النجاسة والطهارة عنها موضوعهما الجسم وظاهر البدن ، والحدث والطهارة عنه موضوعهما النفس والبدن. والتوضّؤ بالماء مع طهارة البدن وسبق الحدث مزيل للحدث ومحدث لضدّه مع بقاء طهارة البدن ، وبالبول محدث للنجاسة الظاهريّة وغير مزيل للباطنيّة. والتلازم في المقامين ثابت في الواقع. فالالتزام بطهارة ظاهر البدن وبقاء الحدث فيما توضّأ بمائع مردّد بين الماء والبول ، إعمالا لقاعدة الطهارة أو استصحابها واستصحاب الحدث ، تفكيك بين لازمين في موضوعين ، لما عرفت من كون طهارة البدن ملازمة لارتفاع الحدث ، وبقاء الحدث لنجاسة البدن ، فالالتزام بطهارة البدن وبقاء الحدث مستلزم لما ذكر.
ولكن لا يلزم منه سوى مجرّد الالتزام بما يخالف الواقع من دون علم بمخالفة العمل له ، لأنّه لو توضّأ بعده بماء طاهر فصلّى به يحتمل مطابقة عمله للواقع ، لاحتمال كون المائع المردّد فيه ماء في الواقع ، فلا يحصل العلم بنجاسة البدن.
وإنّما اشترط الغفلة لأنّه لو توضّأ بالمائع المردّد فيه مع الالتفات يحصل القطع ببقاء الحدث ، لاشتراط صحّة الوضوء بقصد القربة غير المجامع مع احتمال كونه بولا ، فلا يكون ثبوت الحدث حينئذ بالأصل. وأصالة عدم بوليّته في الواقع غير مجدية في صحّة الوضوء ، لعدم كون صحّته مرتّبة على عدم كون ما يتوضّأ به بولا ، بل على كونه ماء طاهرا ، وهي لا تثبته ، مضافا إلى معارضتها بأصالة عدم كونه ماء في الواقع على أنّ الكلام في المقام إنّما هو فيما لم يكن المائع المشكوك فيه مجرى للاصول ، وإلّا فلا معنى لإجرائها لإثبات طهارة البدن وبقاء الحدث ، إذ مع جريان الاصول في الأسباب الشرعيّة لا يبقى لها محلّ في مسبّباتها ، لكون الشكّ فيهما من قبيل المزيل والمزال.