هل هو كالمعلوم بالتفصيل في الاعتبار ، أم لا؟
والكلام فيه يقع : تارة في اعتباره من حيث إثبات التكليف به ، وأنّ الحكم المعلوم بالإجمال هل هو كالمعلوم بالتفصيل في التنجّز على المكلّف أم هو كالمجهول رأسا؟ واخرى في أنّه بعد ما ثبت التكليف بالعلم التفصيلي أو الإجمالي المعتبر ، فهل يكتفى في امتثاله بالموافقة الإجماليّة ولو مع تيسّر العلم التفصيلي أم لا يكتفى به إلّا مع تعذّر العلم التفصيلي فلا يجوز إكرام شخصين أحدهما زيد مع التمكّن من معرفة
______________________________________________________
الأدلّة تكاد تشرف الفقيه على القطع بخلافه.
وثالثها : عدم تحقّق عنوان الإطاعة فيما كان الاحتياط محوجا إلى تكرير العبادة. وقد أوضح المصنّف رحمهالله ذلك في أواخر مسألة البراءة بما حاصله : أنّه مع الاحتياط بتكرير العبادة مع التمكن من تحصيل العلم التفصيلي يعدّ العبد لاعبا بأمر مولاه ، وقال : «والفرق بين الصلاة الكثيرة وصلاتين لا يرجع إلى محصّل» انتهى.
أقول : إنّ التدافع بينه وبين ما ذكره هنا بقوله : «ودعوى إنّ العلم بكون المأتي به ...» واضح ، فإنّ ظاهره الجزم هنا بحصول الإطاعة مع تكرار العبادة مطلقا ، وإنّ المانع لو كان هو الاتّفاق المدّعى على خلافه. والإنصاف أنّ في أحد المقامين إفراطا وفي الآخر تفريطا ، والأوسط إيكال الأمر إلى العرف ، فيحكم بجواز التكرار إلى حيث لا يعدّ معه العبد لاعبا بأمر مولاه ، وتحديد ذلك موكول إلى نظر العرف ، فتدبّر.
وقد تخلّص ممّا قدّمناه أنّ الأقوى جواز الاقتصار بالموافقة الإجماليّة فيما لم يبلغ تكرار العمل مرتبة اللغويّة عند دوران الأمر بينها وبين الموافقة التفصيليّة العلميّة. ويظهر منه جواز الاقتصار بها بطريق أولى فيما دار الأمر بينهما وبين الموافقة التفصيليّة الظنّية ، خاصا كان أو مطلقا ، لكون الأمر في هذه الصورة أهون كما أسلفناه. ويظهر من ملاحظة ما ذكره المصنّف رحمهالله. ولا حاجة إلى إعادة الكلام فيها ، لاتّحاد الكلام في الصورتين دليلا وجوابا كما لا يخفى.