.................................................................................................
______________________________________________________
للشارع التصرف في موضوعهما ، بأن يحكم فيما هو إطاعة عند العقل بعدم كونه إطاعة ، وفيما هو معصية عقلا بعدم كونه معصية ، ولا في حكمهما ، بأن يحكم بعدم وجوب الإطاعة وبعدم حرمة المعصية. وممّا ذكرناه ظهر وجه ما اشتهر في الألسنة من أنّ طريق الإطاعة والمعصية في التكاليف الشرعيّة موكول إلى العقل ، وملاحظة كيفيّة سلوك العبيد مع الموالي في إطاعة تكاليفهم.
وممّا يؤكّد ما ذكرناه من عدم تصرّف الشارع في موضوع الإطاعة والمعصية وحكمهما ، أنّ مولى حكيما إذا أمر عبده بفعل ، ولم يأمر بإطاعته ولم ينه عن مخالفته ، ولم يبيّن له كيفيّة إطاعته ، لم يكن مقصّرا في بيان التكليف عند العقل والعقلاء. ولو لم يتعرّض العبد لامتثال أمره لا يبقى له مجال للعذر بأنّه لم يأمرني بإطاعته ، أو أنّه لم يبيّن لي كيفيّة إطاعته ، وليس ذلك إلّا لكون كيفيّة الإطاعة ووجوبها ثابتتين عند العقل ، بل لو نهاه المولى عن إطاعته مع عدم نسخه لأمره عدّ ذلك منه قبيحا ومناقضا لما أراده.
وممّا ذكرناه ظهر الوجه أيضا في الفرق بين الشكّ في شرائط امتثال التكاليف الشرعيّة وبين الشكّ في شرائط المأمور به وأجزائه ، حيث إنّ الأوّل مورد لقاعدة الاحتياط والثاني لقاعدة البراءة. ووجه الفرق أنّ مبنى البراءة على قبح التكليف بلا بيان ، وهو لا يتأتّى فيما هو موكول إلى طريقة العقلاء على ما عرفت.
وهذا الذي ذكرناه من كون كيفيّة الإطاعة وحكمها موكولتين إلى العقل وطريقة العقلاء ـ الذي هو مبنى الفرق بين شرائط الامتثال وشرائط المأمور به ـ قد جرينا فيه على مذاق المصنّف ، حيث إنّ ظاهره هنا كون كيفيّة الإطاعة موكولة إلى العرف ، وقد صرّح بالفرق بين الشرائط في أواخر مسألة البراءة عند التعرّض لبطلان عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد.
والذي يقتضيه النظر القاصر أنّ حكم الإطاعة كما تقدّم عقلي غير تابع