.................................................................................................
______________________________________________________
أقسامها المتقدّمة.
وأمّا العبادات فبيان حكمها يتوقّف على بيان مقدّمة ، وهي أنّ الأحكام العقليّة على قسمين :
قسم : يمكن حكم الشارع بخلافه لو لا المانع الخارجي. ومن هذا القبيل حكم العقل بوجوب ردّ الوديعة وقبح الظلم وحسن الإحسان ، فإنّ هذه الموضوعات لو لا ما فيها من الجهات المحسّنة والمقبّحة لأمكن حكم الشارع بخلاف مقتضياتها ، فاستحالة حكم الشارع بخلافها إنّما هي بواسطة مقدّمة خارجة ، من استحالة أمره بالقبيح ونهيه عن الحسن ، فاستحالة ذلك عرضيّة غير منافية للإمكان الذاتي. ولذا ترى أنّ غير الشارع ممّن لا يراعي في أوامره ونواهيه المصالح والمفاسد لا يبالي الأمر بما فيه مفسدة للمأمور والنهي عمّا فيه مصلحة له ، فلو ثبت أحيانا أمر الشارع أو نهيه فيما استقلّ العقل به بخلافه فلا بدّ من تخطئة العقل والحكم بعدم إصابته الواقع فيما حكم به.
وقسم آخر يستحيل بالذات حكم الشارع بخلافه. ومن هذا القبيل الصحّة والفساد من أحكام الوضع ، فإنّ مطابقة الفعل للمأمور به وعدمها من الامور الوجدانيّة التي يستحيل عقلا تصرّف الشارع فيهما. ومن هذا القبيل أيضا اعتبار القطع ولزوم متابعته ، بناء على ما تقدّم من أنّ الحكم بخلافه يؤدّي إلى التكليف بالنقيضين ، والتكليف بهما على الحقيقة محال في نفسه. وكذا الإطاعة والمعصية فإنّهما أيضا من الامور غير القابلة لتصرّف الشارع فيها ، فإنّ الأولى هي الإتيان بالمأمور به على ما هو عليه بقصد أنّه مأمور به وترك المنهيّ عنه كذلك ، والثانية بخلافها. وكذلك حكمهما من الوجوب والحرمة العقليّين ، فإنّهما أيضا غير قابلين لجعل الشارع وتصرّفه فيهما نفيا وإثباتا ، إذ لو كانا مجعولين للشارع لزم التسلسل كما لا يخفى. ولذا قد حملت أوامر الإطاعة ونواهي المعصية على مجرّد الإرشاد ، فما دامت الإطاعة والمعصية متحقّقتين يتبعهما حكمهما ، ولا يجوز