وأوضح من ذلك كلّه رواية أبان بن تغلب (٧٨) عن الصادق عليهالسلام : «قال : قلت : رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة ، كم فيها من الدية؟ قال : عشر من الإبل. قال : قلت : قطع إصبعين؟ قال : عشرون. قلت : قطع ثلاثا؟ قال : ثلاثون. قلت : قطع أربعا؟ قال : عشرون. قلت : سبحان الله! يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟! كان يبلغنا هذا ونحن بالعراق ، فقلنا : إنّ الذي جاء به شيطان! قال عليهالسلام : مهلا يا أبان! هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآله ،
______________________________________________________
وثانيها : استبعاد أبان ممّا حكم به الإمام بمجرّد مخالفة عقله ، كما يشهد به قوله : «سبحان الله يقطع ثلاثا ...» وهذا أيضا إنّما يصحّ مع أحد الوجهين الذين عرفت أظهرهما.
وثالثها : كونه مع الإمام عليهالسلام في صدد التكلم والجواب. ولكنّه خلاف ظاهر الرواية.
فقد تحصّل ممّا ذكرناه أنّ الأظهر بالنسبة إلى فقرات الرواية وموردها كون التوبيخ إمّا على ردّ الرواية الظنّية ، أو على استبعاده ممّا حكم به الإمام ، بمجرّد مخالفتهما للقياس الظنّي الذي استنبط مناط الأصل فيه بحسب عقله. واستشهاد الرواية للمنع من الاقتحام في الدخول في المقدّمات العقليّة لتحصيل القطع بمناطات الأحكام ، لا بدّ فيه من إرجاع التوبيخ على أحد الأمرين إلى التوبيخ على الدخول في المقدّمات ، بناء على استفادة كون أبان قاطعا بمناط الحكم كما أشرنا إلى وجهه. ولعلّ هذا هو الوجه في إرجاع التوبيخ على أحد الأمرين إلى المقدّمات.
٧٨. في الخلاصة : «بالتاء المنقوطة فوقها نقطتين المفتوحة ، والغين المعجمة الساكنة ـ إلى أن قال ـ : وقال له الباقر عليهالسلام : «اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس ، فإنّي أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك». ومات في حياة أبي عبد الله عليهالسلام ، فقال الصادق عليهالسلام لمّا أتاه نعيه : «أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان» انتهى.