.................................................................................................
______________________________________________________
نادر جدّا ، لبعدها عن العقول ، إذ لا مسرح للعقول غالبا في نفي مدخليّة خصوصيّات موضوع الحكم وقيود محلّه. نعم ، الغالب حصول الظنّ بذلك. ويمكن في الموارد التي يمكن للعقل فيها الجزم بنفي مدخليّة هذه الخصوصيّات أن تمنع كثرة وقوع الخطإ فيها بالنسبة إلى سائر موارد حكم العقل ، لأنّ هذه الموارد وإنّ ندرت إلّا أن حصول القطع فيها بمناط الحكم إنّما هو لغاية وضوحه ، فيندر وقوع الاشتباه فيها. فدعوى كثرته ـ سيّما إذا كانت الكثرة بحيث صارت سببا لحكم العقل بالمنع ـ غير معلومة ، ولا سيّما وإنّ أكثريّة تخلّف القطع عن الواقع في الموارد المذكورة بالنسبة إلى مخالفة أصالة البراءة وغيرها من الاصول للواقع غير متّضحة إن لم تكن مظنونة العدم ، فكما أنّ تلك لا تمنع من العمل بأصالة البراءة في مواردها ، كذلك الدخول في المقامات المفضية إلى خلاف الواقع كثيرا.
نعم ، لو فرض إمكان تحصيل القطع بمناطات الأحكام في كثير من موارد الفقه أمكن حينئذ دعوى غلبة مخالفته للواقع ، فيكون ذلك محذورا في نفسه مانعا من الاقتحام في المقدّمات العقليّة ، كما أنّ غلبة مخالفة الاصول للواقع مانعة من العمل بها كما سيجيء في مقدّمات دليل الانسداد ولكن قد عرفت منع إمكان تحصيل القطع بمناط الحكم من طريق العقل في أغلب الفقه ، وأنّ موارد إمكانه نادرة جدّا ، ومعه فالعلم بالمخالفة فضلا عن غلبتها غير حاصل ، كما أنّ العمل بالاصول في صورة الانسداد لأجل العلم بغلبة مخالفتها للواقع غير جائز ، بخلاف العمل بها في موارد فقد الظنّ والعمل به في موارده ، فالبحث مع المصنّف رحمهالله إنّما هو بحسب الصغرى دون الكبرى.
وأمّا الأخبار فالمنساق منها ـ كما اعترف به في أوّل كلامه ـ هو الركون إلى العقول الناقصة الظنيّة على ما كان متعارفا في ذلك الزمان من العمل بالأقيسة والاستحسانات من غير مراجعة حجج الله سبحانه بل في مقابلتهم. وربّما كان في صحيحة أبان شهادة بذلك ، وذلك أنّ ما يصلح للتوبيخ عليه في موردها امور :