نعم ، الإنصاف (٧٧)
______________________________________________________
الطريق في السماع عن المعصوم عليهالسلام لزم إفحام الأنبياء ، إذ ليس وجوب النظر إلى معجزتهم في أوّل دعوتهم إلّا من جهة حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المحتمل أو المظنون ، لاحتمال صدقهم ، فيكون الإعراض عنه موجبا للهلاك الدائم ، وحيث كان ذلك محتملا فيحكم العقل بوجوب النظر إلى معجزتهم لدفع هذا الضرر المحتمل ، فلو لم يكن حكم العقل متّبعا وانحصر السبيل في السماع عن المعصوم يلزم إفحام مدّعي النبوّة وإن كان صادقا في الواقع ، إذ ليس هنا إخبار معصوم ، لفرض عدم ثبوت نبوّته بعد. هذا ، مضافا إلى ما تقدّم من الآيات والأخبار المتكاثرة في حجّية العقل ، وأنّه شرع من الباطن ، وأنّه حجّة من حجج الرحمن.
٧٧. حاصله التفصيل بوجه آخر سوى ما يظهر من هؤلاء الجماعة ، بأن يقال بحرمة الركون إلى العقل في تحصيل مناط الحكم الشرعيّ على سبيل القطع ، فيستدلّ به على غير مورد النصّ ، بأن يستنبط على سبيل القطع من قول الشارع «الخمر حرام» بواسطة المقدّمات العقليّة أنّ علّة حرمة الخمر هي الإسكار ، ليتعدّى من مورد النصّ إلى غيره ، نظير استنباط العلّة على سبيل الظنّ في موارد الأقيسة ، وبالجواز في غيره. ولكنّ المراد من النهي عنه هو النهي عن الخوض في المقدّمات العقليّة لتحصيل القطع بالمناط ، لعدم إمكان النهي بعد حصول القطع كما عرفته غير مرّة. ويظهر أثر هذا النهي في عدم معذوريّة القاطع لو تخلّف قطعه عن الواقع كما أشار إليه المصنّف في أوّل التنبيه.
ثمّ إنّه رحمهالله قد استدلّ عليه أوّلا : بكثرة وقوع الخطأ في الركون إلى العقل في استنباط مناطات الأحكام ، وهو محذور عقلا ، لقبح تفويت المكلّف للمصالح الواقعيّة باختياره كما أشرنا إليه عند شرح قول المصنّف رحمهالله في أوّل التنبيه ، فله وجه. وثانيا : بالأخبار.
هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّ حصول القطع بمناطات الأحكام بالمقدّمات العقليّة