.................................................................................................
______________________________________________________
فعلى تقدير كون خلافهم في المقام الثالث قد عرفت عند بيان السؤال الذي أورده المصنّف رحمهالله أنّ في كلامهم وجوها ثلاثة بل أربعة ، أحدها : إرادة تقيّد الأحكام الواقعيّة بالسماع عن الصادقين عليهماالسلام. وثانيها : تقيّد تنجّزها بصدور الخطاب عن الحجج المعصومين عليهمالسلام. وثالثها : تقيّد تنجّزها ببلوغ الخطاب الصادر منهم إلى المكلّفين. ورابعها : إلغاء إدراك العقل لحكم الشارع رأسا من دون التزام تقيّد نفس الأحكام الواقعيّة أو تنجّزها بأحد الوجهين.
وكلام المصنّف رحمهالله هنا في نفي الفائدة إنّما هو على الوجه الثاني والثالث من المقام الثالث. وحاصله : أنّه بعد فرض حصول القطع بأنّ هذا الفعل ممّا هو مأمور به عند الشارع ، وأنّ تاركه مستحقّ لسخطه وعقابه ، كيف يمكن تكليف هذا القاطع بخلاف قطعه ولو بتنبيهه على أنّ وجوب ما قطع بوجوبه فعلا معلّق بالسماع عن الصادقين عليهماالسلام ، إذ القاطع ما دام قاطعا لا يحتمل خلاف ما قطع به ، إذ المنافاة بين قطعه بأنّ هذا الفعل ممّا أراده الله سبحانه منه فعلا ، وأنّه ممّا يعاقبه على تركه ومخالفته ، وبين كون تنجّز وجوبه معلّقا بالسماع عن الصادقين عليهماالسلام واضح ، كيف ولو احتمل التعليق لم يكن باقيا على قطعه. ولا فرق في ذلك بين الوجوه الأربعة المذكورة ، مضافا إلى ما يلزم على الأوّل منها من الدور كما تقدّم.
والحاصل : أنّه بعد فرض حصول القطع بالتكليف الفعلي لا مسرح لاحتمال أحد الوجوه المذكورة ، وإلّا فلزوم التنافي والتناقض واضح. وليس الغرض من ذلك دعوى استحالة تقيّد تنجّز الأحكام الواقعيّة بالسماع عن الصادقين عليهماالسلام حتّى تمنع ، لوضوح إمكان ذلك ، بل المقصود أنّه بعد حصول القطع بالتكليف الفعلي فما دام القطع باقيا يستحيل حصول القطع بالتعليق المذكور ، بل الظنّ به واحتماله أيضا. وحيث فرضنا الكلام فيما حصل القطع بما ذكر فيستحيل احتمال خلافه ما دام القطع باقيا ، فما دلّ على خلافه لا بدّ من تأويله أو طرحه.
وممّا يوضح ما ذكرناه أنّه لو جاز منع القاطع من العمل بقطعه وانحصر