المذكور عدم جواز الاستبداد في الأحكام الشرعيّة بالعقول الناقصة الظنّية ـ على ما كان متعارفا في ذلك الزمان من العمل بالأقيسة والاستحسانات ـ من غير مراجعة حجج الله بل في مقابلهم عليهمالسلام ، وإلّا فإدراك العقل القطعي للحكم المخالف للدليل النقلي على وجه لا يمكن الجمع بينهما في غاية الندرة (٧٣) بل لا نعرف وجوده ، فلا ينبغي الاهتمام به في هذه الأخبار الكثيرة ، مع أنّ ظاهرها ينفي حكومة العقل ولو مع عدم المعارض. وعلى ما ذكرنا يحمل ما ورد من : «أنّ دين الله لا يصاب بالعقول» (١٠).
وأمّا نفي الثواب (٧٤) على التصدّق مع عدم كون العمل بدلالة وليّ الله ، فلو ابقي على ظاهره دلّ على عدم الاعتبار بالعقل الفطري الخالي عن شوائب الأوهام ، مع اعترافه بأنّه حجّة من حجج الملك العلّام ، فلا بدّ من حمله على التصدّقات الغير المقبولة ، مثل التصدّق (٧٥) على المخالفين لأجل تديّنهم بذلك الدين الفاسد ـ كما هو الغالب في تصدّق المخالف على المخالف ، كما في تصدّقنا على فقراء الشيعة لأجل محبّتهم لأمير المؤمنين عليهالسلام وبغضهم لأعدائه ـ ، أو على أنّ المراد حبط ثواب التصدّق من أجل عدم المعرفة لوليّ الله ، أو على غير ذلك.
______________________________________________________
٧٣. لا يخفى أنّ الندرة يمنع من الاختصاص دون العموم ، وهو واضح.
٧٤. هذا الخبر حيث كان غير قابل للحمل على ما استظهره من الأخبار المتقدّمة من المنع من العمل بالعقول الناقصة الظنّية ، لكون مورده ممّا يستقلّ به العقل من حسن التصدّق ، أفرده من تلك الأخبار وأجاب عنه بجواب آخر.
٧٥. لا ريب أنّ التصدّق على المخالفين لأجل تديّنهم بذلك الدين الفاسد لا حسن فيه في الواقع أصلا ، بل هو قبيح. هذا ، ولكن ظاهره تسليم استحقاق المخالف للثواب بالتصدّق على أهل نحلته من حيث كونهم مخلوقين لله أو مسلمين وبالتصدّق على الشيعة. وهو غير بعيد ، لحسن التصدّق ذاتا ما لم يطرأ له عنوان مقبّح ، فلا مانع من تأثيره في المجازات ولو بتخفيف عقابه. ومن هنا يظهر أنّه يمكن حمل قوله عليهالسلام : «ما كان له على الله ثواب» على الثواب الذي يستحقّ به