فإن قلت (٧١):
______________________________________________________
فالأب المأخوذ بتلك الحيثيّة هو مادّة افتراق الحادث الزماني من الحادث الإضافي ، وكلّ ما هو مسبوق بالعدم فهو مسبوق بالغير ولا عكس» انتهى. ثمّ إنّهم اختلفوا في أخذ الزمان في العدم في القديم الزماني وعدمه بما هو مقرّر في محلّه.
٧١. اعلم أنّ الأخبار المذكورة على تقدير تسليم دلالتها على عدم جواز الاعتماد على الحكم العقلي القطعي يحتمل وجوها :
أحدها : أن يكون المقصود منها بيان تقيّد الأحكام الواقعيّة بتبليغ الحجّة ، بأن لا يكون حكم واقعي أوّليّ أصلا قبله. ويحتمله كلام شارح الوافية الذي استشهده المصنّف رحمهالله ، ولا بأس بنقل كلامه ، لمدخليّته في توضيح ما سنشير إليه ، فقال في ذيل كلام له في حكم ما يستقلّ به العقل من منع كون ما أدرك العقل حسنه واجبا شرعيّا ، ومنع كون ما أدرك العقل قبحه حراما شرعيّا :
لا يقال : من حصل له الجزم بأنّ شيئا خاصّا من شأنه أن يستحقّ على فعله الثواب وعلى تركه العقاب ، وأنّه مرضي ومراد للشارع وأنّه أمر به ، ولكن منع من وصول أمره إلى المأمور مانع ، فلا شكّ أنّه يجوز أن يتعبّد لله تعالى بفعل هذا الشيء ، وأنّه يثاب بفعله ، وأنّه لو عاقبه الله تعالى على الترك لا يكون عقابه قبيحا ، فحينئذ يجوز له الإفتاء بأنّ هذا الشّيء واجب ، كما يجوز لنفسه العمل به بقصد أنّه واجب ، فقد ثبت مطلوبنا.
لأنّا نقول : إنّ التعبّد بمثل هذا الشيء محلّ نظر ، لأنّ المعلوم هو أنّه يجب فعله أو تركه أو لا يجب إذا حصل الظنّ أو القطع بوجوبه أو حرمته أو غيرهما من جهة نقل قول المعصوم أو فعله أو تقريره ، لا أنّه يجب فعله أو تركه أو لا يجب مع حصولهما من أيّ طريق كان. وقس عليه الفتوى. ألا ترى أنّا لو رأينا المعصوم في المنام وقلنا بأنّه هو ، للأحاديث الدالّة على هذا ، فأمرنا أو نهانا عن شيء لم يصل إلينا حكمه في اليقظة ، لكان جواز العمل والإفتاء به محلّ نظر وتأمّل ، ولا يبعد أن