منزلة كان مجتازا غريبا أعثر بباب (١) يعقوب عشيّة الجمعة عند أوان إفطاره ، فهتف (٢) على بابه : أطعموا السائل الغريب الجائع من فضل طعامكم. فلمّا يئس شكا جوعه إلى الله تعالى وبات خاويا (٣) وأصبح صائما ، وبات يعقوب وآله شباعا بطانا ، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعام ، فأوحى الله تعالى إلى يعقوب صلوات الله عليه (٤) : استوجبت بلواي ، أو ما علمت أنّ البلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي ، وذلك حسن نظر منّي لأوليائي ، استعدّوا (٥) لبلائي.
فقلت لعليّ بن الحسين صلوات الله عليهما : متى رأى الرؤيا؟
قال : في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآله شباعا ، وبات فيها (٦) الغريب جائعا ، فلمّا قصّها على أبيه اغتمّ يعقوب لما سمع من يوسف مع ما أوحي إليه : أن استعدّ للبلاء ، وكانت أوّل بلوى نزلت بآل يعقوب الحسد ليوسف عليهالسلام ، فلمّا رأى إخوة يوسف كرامة أبيه إيّاه اشتدّ عليهم فتآمروا حتّى قالوا : (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ)(٧) ، فلمّا خرجوا به من منزله أتوا به غيضة أشجار (٨) ، فقالوا : نذبحه ونلقيه تحت شجرة يأكله الذئب.
فقال كبيرهم : لا تقتلوه ولكن ألقوه في غيابة الجبّ فألقوه فيه ، وهم يظنّون أنّه يغرق فيه.
__________________
(١) في العلل : (على باب).
(٢) في العلل : (يهتف).
(٣) في العلل : (طاويا).
(٤) في العلل كلام طويل يظهر منه أنّ اسم السائل : ذميال.
(٥) في «ر» «س» : (استعدّ).
(٦) في «ر» «س» «ص» زيادة : (ذلك).
(٧) يوسف : ١٢.
(٨) قال في المصباح المنير : ٤٥٩ : الغيضة الأجمة ، وهي الشجر الملتف ، وجمعه غياض مثله كلبة وكلاب.