ثم قال : لا نعلم يروى مرفوعا إلا من هذا الوجه تفرد به عن محمد بن يزيد بن سنان عن.
أبيه ، وقد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه. ورواه غيره عن يحيى بن سعيد مرسلا ولم يسنده ، وإنما جعله من قول سعيد.
قلت وهذا الذي ذكره أبو عمر ، هو المحفوظ عن سعيد قوله : «وهكذا روى عن وهب بن منبه مثله والله أعلم». ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي ضعيف بمرة لا يعتمد عليه.
وقد قيل إن نوحا عليهالسلام لم يولد له هؤلاء الأولاد الثلاثة إلا بعد الطوفان ، وإنما ولد له قبل السفينة كنعان الذي غرق ، وعابر مات قبل الطوفان.
والصحيح أن الأولاد الثلاثة كانوا معه في السفينة هم ونساؤهم وأمهم وهو نص التوراة.
وقد ذكر أن «حاما» واقع امرأته في السفينة ، فدعا عليه نوح أن تشوه خلقة نطفته ، فولد له ولد أسود وهو كنعان بن حام جد السودان. وقيل بل رأى أباه نائما وقد بدت عورته فلم يسترها وسترها أخواه ؛ فلهذا دعا عليه أن تغير نطفته ؛ وأن يكون أولاده عبيدا لإخوته.
وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير من طريق علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران ؛ عن ابن عباس أنه قال : قال الحواريون لعيسى ابن مريم : لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها. قال : فانطلق بهم حتى أتى إلى كثيب من تراب ؛ فأخذ كفا من ذلك التراب بكفه. وقال :
أتدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : هذا كعب حام بن نوح. قال : وضرب الكثيب بعصاه وقال : قم بإذن الله. فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب فقال له عيسى عليهالسلام هكذا هلكت ، قال : لا ، ولكني مت وأنا شاب ، ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت.
قال : حدثنا عن سفينة نوح قال : كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاث طبقات : فطبقة فيها الدواب والوحش ، وطبقة فيها الإنس ، وطبقة فيها الطير. فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله عزوجل إلى نوح عليهالسلام أن أغمز ذنب الفيل ، فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة ، فأقبلا على الروث ، ولما وقع الفأر يخرز السفينة بقرضه ، أوحى الله عزوجل إلى نوح عليهالسلام : أن أضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخره سنور وسنورة فأقبلا على الفأر. فقال له عيسى : كيف علم نوح عليهالسلام أن البلاد قد غرقت؟ قال : بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت.
قال : ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجلها ، فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها ، ودعا لها أن تكون في أنس وأمان ، فمن ثم تألف البيوت.
قال : فقالوا يا رسول الله ألا تنطلق به إلى أهلينا فيجلس معنا ويحدثنا؟ قال : كيف يتبعكم من لا رزق له؟ قال : فقال له : عد بإذن الله فعاد ترابا (١).
__________________
(١) هذا الأثر رواه الطبري في تاريخه (١ / ١٨١ ، ١٨٢ / معارف).