ثم قال تعالى : (قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ)
[١١ / هود : ٤٨]
هذا أمر لنوح عليهالسلام لما نضب الماء عن وجه الأرض ، وأمكن السعي فيها والاستقرار عليها ، أن يهبط من السفينة التي كانت قد استقرت بعد سيرها العظيم على ظهر جبل الجودي ، وهو جبل بأرض الجزيرة مشهور ، «بسلام منا وبركات» أي اهبط سالما مباركا عليك ، وعلى أمم ممن سيولد بعد ، أي من أولادك ، فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوى نوح عليهالسلام. قال تعالى : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) ، فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ، ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة وهم : سام ، وحام ، ويافث.
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم» (١).
ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعا نحوه.
وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر : وقد روى عن عمران بن حصين عن النبي صلىاللهعليهوسلم مثله. قال : والمراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن لبطي بن يونان بن يافث بن نوح عليهالسلام.
ثم روى من حديث إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : ولد نوح ثلاثة : سام ويافث وحام ، وولد كل واحد من هذه الثلاثة ثلاثة : فولد سام :
العرب وفارس والروم. وولد يافث : الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج. وولد حام : القبط والسودان والبربر (٢).
قلت وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا إبراهيم بن هانىء وأحمد بن حسين بن عباد أبو العباس قالا : حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي ، حدثني أبي عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ولد لنوح :
سام وحام ويافث ، فولد لسام العرب وفارس والروم والخير فيهم ، وولد ليافث : يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم ، وولد لحام : القبط والبربر والسودان» (٣).
__________________
(١) الحديث رواه أحمد في مسنده (٥ / ٨ / حلبي). ورواه الطبري في تاريخه (١ / ٢٠٩ / معارف). والسيوطي في الفتح الكبير (٢ / ١٥٠) وقال : رواه الحاكم في المستدرك وأحمد في المسند والترمذي عن سمرة. ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (١ / ١ / ١٨ / التحرير).
(٢) الحديث رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (١ / ١ / ١٨ / التحرير). ورواه الطبري في تاريخه (١ / ٢١٠ / معارف).
والسيوطي في الفتح الكبير (٣ / ٣٠٣).
(٣) راجع ما قبله.