كما قال تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم حين هاجر : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً.)
[١٧ : الإسراء / ٨٠]
وقد امتثل نوح عليهالسلام هذه الوصية وقال : (ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) أي على اسم الله ابتداء سيرها وانتهاؤه (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) أي وذو عقاب أليم ، مع كونه غفورا رحيما ، لا يرد بأسه عن القوم المجرمين ، كما أحلّ بأهل الأرض الذين كفروا به وعبدوا غيره.
قال الله تعالى : (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ) وذلك ان الله تعالى أرسل من السماء مطرا لم تعهده الأرض قبله ولا تمطره بعده ، كان كأفواه القرب ، وأمر الأرض فنبعت من جميع فجاجها وسائر أرجائها.
كما قال تعالى : (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ* فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ* وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ* وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ.)
[٥٤ / القمر : ١٠ ـ ١٣]
والدسر المسامير (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) أي بحفظنا وكلاءتنا وحراستنا ومشاهدتنا لهم (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ).
وقد ذكر ابن جرير وغيره أن الطوفان كان في ثالث عشر من شهر آب في حساب القبط (١).
وقال تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ؟) أي السفينة (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ.)
قال جماعة من المفسرين : ارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض (٢) خمسة عشر ذراعا وهو الذي عند أهل الكتاب. وقيل ثمانين ذراعا ؛ وعمّ جميع الأرض طولها والعرض سهلها وحزنها ، وجبالها وقفارها ورمالها ، ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ؛ ولا صغير ولا كبير.
قال الإمام مالك عن زيد بن أسلم : كان أهل ذلك الزمان قد ملأوا السهل والجبل. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٣) لم تكن بقعة في الأرض إلا ولها مالك وحائز.
__________________
(١) رواه الطبري في تاريخه (١ / ١٨٩ / معازف).
(٢) م : بالأرض.
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، العدوى مولاهم ، ضعيف من الثامنة ، مات سنة اثنتين وثمانين / ت ق تقريب التهذيب (١ / ٤٨٠ / ٩٤١).