فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ.)
[٦٧ / الحديد : ٢٦]
وقال تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ.)
[٦٦ / التحريم : ١٠]
* * *
وأما مضمون ما جرى له مع قومه مأخوذا من الكتاب والسنة والآثار ، فقد قدمنا عن ابن عبار : أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام ، رواه البخاري وذكرنا أن المراد بالقرن الجيل أو المدة على ما سلف.
ثم بعد تلك القرون الصالحة حدثت أمور اقتضت أن آل الحال بأهل ذلك الزمان الى عبادة الأصنام.
وكان سبب ذلك ما رواه البخاري من حديث ابن جريج عن عطاء ، عن ابن عباس عن تفسير قوله تعالى :
(وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً.)
[٧١ / نوح : ٢٣]
هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا الى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك وانتسخ العلم عبدت (١).
قال ابن عباس : وصارت هذه الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد.
وهكذا قال عكرمة والضحاك وقتادة ومحمد بن إسحاق.
وقال ابن جرير في تفسيره : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن موسى ، عن محمد بن قيس قال : كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح ، وكان لهم أتباع (٢) يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صوّرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم فلما ماتوا وجاء آخرون دبّ إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر.
فعبدوهم.
وروى ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أنه قال : ودّ ويغوث ويعوق وسواع ونسر ، أولاد آدم وكان «ود» أكبرهم وأبرّهم به.
__________________
(١) الأثر رواه البخاري في صحيحه (٢ / ٣٨١).
(٢) و : تباع.