الثوري عن الأعمش عن شملة بن عطية قال : قتل على الصخرة التي ببيت المقدس سبعون نبيا ، منهم يحيى بن زكريا عليهالسلام.
وقال أبو عبيدة القاسم بن سلام : حدثنا عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : قدم بختنصر دمشق فإذا هو بدم يحيى بن زكريا يغلي ، فسأل عنه فأخبروه ، فقتل على دمه سبعين ألفا فسكن. وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب وهو يقتضي أنه قتل بدمشق وأن قصة بختنصر كانت (١) بعد المسيح كما قاله عطاء والحسن البصري.
فالله أعلم.
وروى الحافظ ابن عساكر من طريق الوليد بن مسلم ، عن زيد بن واقد ، قال : رأيت رأس يحيى بن زكريا حين أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبلة الذي يلي المحراب مما يلي الشرق ، فكانت البشرة والشعر على حالهما لم يتغير ، وفي رواية : كأنما قتل الساعة.
وذكر في بناء مسجد دمشق أنه جعل تحت العمود المعروف بعمود السكاسكة. فالله أعلم.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في المستقصى في فضائل الأقصى ، من طريق العباس بن صبح ، عن مروان ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن قاسم مولى معاوية ، قال : كان ملك هذه المدينة يعني دمشق هداد بن هدار ، وكان قد زوج ابنه بابنة أخيه أريل ملكة صيدا ، وقد كان من جملة أملاكها سوق الملوك بدمشق وهو الصاغة العتيقة ، قال : وكان قد حلف بطلاقها ثلاثا. ثم إنه أراد مراجعتها فاستفتى يحيى بن زكريا فقال لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك ، فحقدت عليه وسألت من الملك رأس يحيى بن زكريا ، وذلك بإشارة أمها. فأبى عليها ثم أجابها إلى ذلك وبعث إليه وهو قائم يصلي بمسجد جبرون من أتاه برأسه في صينية ، فجعل الرأس يقول له : لا تحل حتى تنكح زوجا غيره ـ فأخذت المرأة الطبق فحملته على رأسها وأتت به أمها وهو يقول كذلك ، فلما تمثلت بين يدي أمها خسف بها إلى قدميها ثم إلى حقويها ، وجعلت أمها تولول والجواري يصرخن ويلطمن وجوههن ، ثم خسف بها إلى منكبيها فأمرت أمها السياف أن يضرب عنقها لتتسلى برأسها ، ففعل فلفظت الأرض جثتها عند ذلك ، ووقعوا في الذل والفناء ، ولم يزل دم يحيى يفور حتى قدم بختنصر فقتل عليه خمسة وسبعين ألفا.
قال سعيد بن عبد العزيز : وهي دم كل نبي. ولم يزل يفور حتى وقف عنده أرميا عليهالسلام فقال : أيها الدم أفنيت بني إسرائيل فاسكن بإذن الله ، فسكن فرفع السيف وهرب من هرب من أهل دمشق إلى بيت المقدس ، فتبعهم إليها فقتل خلقا كثيرا لا يحصون كثرة وسبى منهم ثم رجع عنهم.
__________________
(١) و : وأن بختنصر كان بعد المسيح.