وآمركم أن تعملوا بهن. وأولهن أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا ، فإن مثل ذلك مثل من اشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غير سيده ، فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك ، وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا.
وآمركم بالصلاة فإن الله ينصب وجهه قبل عبده ما لم يلتفت فإذا صليتم فلا تلتفتوا.
وآمركم بالصيام فإن الله مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك ، وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
وآمركم بالصدقة ، فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال : هل لكم أن أفتدي نفسي منكم فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه.
وآمركم بذكر الله عزوجل كثيرا ، فإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في إثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه ، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عزوجل.
قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن : بالجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله ، فإن من خرج عن الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من حثا جهنم قال : يا رسول الله وإن صام وصلى؟
قال وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ، ادعوا المسلمين بأسمائهم بما سماهم الله عزوجل المسلمين المؤمنين عباد الله عزوجل (١).
وهكذا رواه أبو يعلي عن هدبة بن خالد ، عن أبان بن زيد ، عن يحيى بن أبي كثير به.
وكذلك رواه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي وموسى بن إسماعيل ، كلاهما عن أبان بن يزيد العطار به ورواه ابن ماجة عن هشام بن عمار ، عن محمد بن شعيب بن سابور ، عن معاوية ابن سلام عن أخيه زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن الحارث الأشعري به ورواه الحاكم من طريق مروان بن محمد الطاطري ، عن معاوية بن سلام ، عن أخيه به ثم قال : تفرد به مروان الطاطري ، عن معاوية بن سلام.
قلت : وليس كما قال. ورواه الطبراني عن محمد بن عبده ، عن أبي توبة الربيع بن نافع ، عن معاوية بن سلام ، عن أبي سلام ، عن الحارث الأشعري ، فذكر نحوه فسقط ذكر زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن الحارث الأشعري فذكر نحو هذه الرواية.
ثم روى الحافظ ابن عساكر من طريق عبد الله بن أبي جعفر الرازي ، عن أبيه ، عن الربيع ابن أنس ، قال : ذكر لنا عن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما سمعوه من علماء بني إسرائيل أن يحيى بن زكريا أرسل بخمس كلمات وذكر نحو ما تقدم.
__________________
(١) الحديث رواه أحمد في مسنده (٤٠ / ٢٠٢ / حلبي). ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (١١٦١).