من بعده محمّد بن عليّ ، ثمّ هكذا يكون الأمر ، إنّ الأرض لا تصلح إلا بإمام ، ومن مات لا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية ، وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا ـ قال : وأهوى بيده إلى صدره ـ يقول حينئذ : لقد كنت على أمر حسن (١).
١١٩ ـ روى العلّامة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمريّ قدسسره قال : تشاجر القزوينيّ وجماعة من الشيعة في الخلف ، فذكر ابن أبي غانم ، أنّ أبا محمّد عليهالسلام مضى ولا خلف له ، ثمّ أنّهم كتبوا في ذلك كتابا وأنفذوه إلى الناحية ، وأعلموه بما تشاجروا فيه. فورد جواب كتابهم بخطّه صلى الله عليه وعلى آبائه :
عافانا الله وإيّاكم من الفتن ، ووهب لنا ولكم روح اليقين ، وأجارنا وإيّاكم من سوء المنقلب ، انّه أنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدّين ، وما دخلهم من الشكّ والحيرة في ولاة أمرهم ، فغمّنا ذلك لكم لا لنا ، وساءنا فيكم لا فينا ، لأنّ الله معنا فلا فاقة بنا إلى غيره ، والحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنا ، ونحن صنائع ربّنا والخلق بعد صنائعنا.
يا هؤلاء ما لكم في الريب تتردّدون ، وفي الحيرة تتمسّكون ، أو ما سمعتم الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أو ما علمتم ما جاءت به الآثار ممّا يكون ويحدث في أئمّتكم ، على الماضين والباقين منهم السلام؟
أو ما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها ، وأعلاما تهتدون بها ، من لدن آدم عليهالسلام إلى أن ظهر الماضي عليهالسلام ، كلّما غاب علم بدا علم ، وإذا أفل نجم طلع نجم ، فلمّا قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله أبطل دينه ، وقطع السبب بينه وبين خلقه ، كلّا ما كان ذلك ولا يكون ، حتّى تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون ، وإنّ الماضي عليهالسلام مضى سعيدا فقيدا على منهاج آبائه عليهمالسلام (حذو النعل بالنعل) وفينا وصيّته وعلمه ، ومنه خلفه ومن يسدّ مسدّه ، ولا ينازعنا موضعه إلّا ظالم آثم ، ولا يدّعيه دوننا إلّا كافر جاحد ، ولو لا أنّ أمر الله لا يغلب ، وسرّه لا يظهر ولا يعلن ، لظهر لكم من حقّنا ما تبتز منه عقولكم ، ويزيل شكوككم ، ولكنّه ما شاء الله كان ، ولكلّ أجل كتاب ، فاتّقوا الله وسلّموا لنا وردّوا الأمر إلينا ، فعلينا الاصدار كما كان منا الايراد ، ولا تحاولوا كشف ما غطّي عنكم ، ولا تميلوا
__________________
(١) الكافي ٢ / ٢١ ح ٩ ؛ بحار الأنوار ٢٣ / ٢٨٩.