على الأخرى بالقرآن ، كان الرجحان أولى.
لزوم وجود الخليفة
ولقوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) ـ الآية في الخطاب الّذي خاطب الله عزوجل به نبيّه صلىاللهعليهوآله لمّا قال : (رَبُّكَ) من أصحّ الدليل على أنّه سبحانه يستعمل هذا المعنى في أمّته إلى يوم القيامة ، فإنّ الأرض لا تخلو من حجّة له عليهم ، ولو لا ذلك لما كان لقوله : (رَبُّكَ) حكمة ، وكان يجب أن يقول : «ربّهم». وحكمة الله في السلف كحكمته في الخلف لا يختلف في مرّ الأيام وكرّ الأعوام ، وذلك أنّه عزوجل عدل حكيم لا يجمعه أحدا من خلقه نسب ، جلّ الله عن ذلك.
وجوب عصمة الإمام
ولقوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ـ الآية معنى ، وهو أنّه عزوجل لا يستخلف إلّا من له نقاء السريرة ليبعد عن الخيانة ، لأنّه لو اختار من لا نقاء له في السريرة ، كان قد خان خلقه ، لأنّه لو أنّ دلّالا قدم حمّالا خائنا إلى تاجر ، فحمل له حملا فخان فيه ، كان الدلال خائنا ، فكيف تجوز الخيانة على الله عزوجل وهو يقول ـ قوله الحق ـ : (أَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ)(١) وادّب محمّدا صلىاللهعليهوآله بقوله عزوجل : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً)(٢) فكيف وأنّى يجوز ان يأتي ما ينهى عنه ، وقد عيّر اليهود بسمة النفاق ، وقال : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(٣).
وفي قول الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) حجّة قويّة في غيبة الإمام عليهالسلام ، وذلك أنّه عزوجل لمّا قال : «إنّي جاعل في الأرض خليفة» أوجب بهذا اللفظ معنى ، وهو أن يعتقدوا طاعته ، فاعتقد عدوّ الله ابليس بهذه الكلمة نفاقا
__________________
(١) يوسف : ٥٢.
(٢) النساء : ١٠٥.
(٣) البقرة : ٤٤.