فقد رضيه (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) يقول تسلّم عليك يا محمّد ملائكتي وروحي بسلامي من أوّل ما يهبطون إلى مطلع الفجر.
ثمّ قال في بعض كتابه : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)(١) في إنّا أنزلناه في ليلة القدر ، وقال في بعض كتابه :
(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(٢) يقول في الآية الاولى : إنّ محمّدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عزوجل : مضت ليلة القدر مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فهذه فتنة أصابتهم خاصّة ، وبها ارتدّوا على أعقابهم ، لأنّهم إن قالوا لم تذهب ، فلا بدّ أن يكون لله عزوجل فيها أمر ، وإذا أقرّوا بالأمر لم يكن له من صاحب بدّ (٣).
١٠٧٧ ـ وعن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : لقد خلق الله جلّ ذكره ليلة القدر أوّل ما خلق الدنيا ، ولقد خلق فيها أوّل نبيّ يكون وأوّل وصيّ يكون ، ولقد قضى أن يكون في كلّ سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الامور إلى مثلها من السنة المقبلة ، من جحد ذلك فقد ردّ على الله عزوجل علمه لأنّه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدّثون إلّا أن يكون عليهم حجّة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجّة الّتي يأتيهم بها جبرئيل.
قلت : والمحدّثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة؟
قال : أمّا الأنبياء والرسل صلّى الله عليهم ، فلا شكّ ولا بدّ لمن سواهم من يوم خلقت الأرض فيه إلى آخر فناء الدنيا أن يكون على ظهر الأرض حجّة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحبّ من عباده ، وأيم الله لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم ، وأيم الله ما مات آدم إلّا وله وصيّ ، وكلّ من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه الأمر فيها ووضع لوصيّه من بعده ، وأيم الله إن كان النّبي ليؤمر فيما يأتيه من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمّد صلىاللهعليهوآله أن أوص إلى فلان.
ولقد قال الله عزوجل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمّد صلىاللهعليهوآله خاصّة : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ
__________________
(١) الأنفال : ٢٥.
(٢) آل عمران : ١٤٤.
(٣) تفسير البرهان ٤ / ٤٨٨ ح ٢٩.