في الأمم السالفة يكون في هذه الامّة مثله ، حذو النعل بالنعل والقذّة
بالقذّة ، وقد كان فيمن مضى من أنبياء الله عزوجل وحججه عليهمالسلام معمّرون.
أمّا نوح عليهالسلام فإنّه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة ، ونطق القرآن بأنّه
لبث في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما ؛ وقد روي في الخبر الّذي قد أسندته في هذا
الكتاب أنّ في القائم سنّة من نوح ، وهي طول العمر ، فكيف يدفع أمره ولا يدفع ما
يشبهه من الأمور الّتي ليس شيء منها في موجب العقول ، بل لزم الاقرار بها لأنّها
رويت عن النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وهكذا يلزم
الاقرار بالقائم عليهالسلام من طريق السمع. وفي موجب أيّ عقل من العقول أنّه يجوز
أن يلبث اصحاب الكهف ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا؟ هل وقع التصديق بذلك إلّا من
طريق السمع ، فلم لا يقع التصديق بأمر القائم عليهالسلام أيضا من طريق السمع؟!
وكيف يصدّقون
بما يرد من الأخبار عن وهب بن منبّه وعن كعب الأحبار في الحالات الّتي لا يصحّ
منها شيء في قول الرسول ، ولا في موجب العقول ، ولا يصدّقون بما يرد عن النبيّ
والأئمّة عليهمالسلام في القائم وغيبته ، وظهوره بعد شكّ أكثر الناس في أمره
، وارتدادهم عن القول به ، كما تنطق به الآثار الصحيحة عنهم عليهمالسلام ، هل هذا إلّا مكابرة في دفع الحقّ وجحوده؟
وكيف لا يقولون
: إنّه لمّا كان في الزمان غير محتمل للتعمير وجب أن تجري سنّة الأوّلين بالتعمير
في أشهر الاجناس تصديقا لقول صاحب الشريعة عليهالسلام ، ولا جنس أشهر من جنس القائم عليهالسلام لأنّه مذكور في الشرق والغرب على ألسنة المقرّين وألسنة
المنكرين له ، ومتى بطل وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهمالسلام مع الروايات الصحيحة عن النبيّ أنّه صلىاللهعليهوآله أخبر بوقوعها به عليهالسلام بطلت نبوّته ، لأنّه يكون قد أخبر بوقوع الغيبة بما لم
يقع به ، ومتى صحّ كذبه في شيء لم يكن نبيّا.
وكيف يصدق في
أمر عمّار أنّه تقتله الفئة الباغية ، وفي أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه تخضب لحيته من دم رأسه ، وفي الحسن بن عليّ عليهماالسلام أنّه مقتول بالسّم ، وفي الحسين بن عليّ عليهماالسلام أنّه مقتول بالسيف ، ولا يصدق فيما أخبر به من أمر
القائم ووقوع الغيبة به ، والنصّ عليه باسمه ونسبه؟ بل هو صلىاللهعليهوآله صادق في جميع أقواله مصيب في جميع أحواله ،