عليهم النفاق اذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم
عليهالسلام.
قال المفضل :
فقلت : يا ابن رسول الله ، إنّ النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر
وعثمان وعليّ.
قال : لا يهدي
الله قلوب الناصبة ، متى كان الدّين الّذي ارتضاه الله ورسوله متمكّنا بانتشار
الأمن في الأمّة ، وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشكّ من صدورها في عهد أحد من
هؤلاء وفي عهد عليّ عليهالسلام ، مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت تثور في أيامهم
، والحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار وبينهم ، ثمّ تلا الصادق عليهالسلام : (حَتَّى إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا).
وأمّا العبد
الصالح الخضر عليهالسلام : فإنّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها
له ، ولا لكتاب ينزّله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء
، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له. بلى ، إنّ الله
تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليهالسلام في أيّام غيبته ما يقدّر ، وعلم ما يكون من إنكار عباده
بمقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلّا
لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليهالسلام ، وليقطع بذلك حجّة المعاندين ، لئلّا يكون للناس على
الله حجّة .
تحقيق للعلّامة الكراجكيّ في الغيبة وسببها
قال العلّامة
أبو الفتح الشيخ محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكيّ الطرابلسيّ : إن قال قائل : ما
السبب الموجب لغيبة صاحب الزمان عليه وعلى آبائه أفضل السلام؟
قيل له : لا
يسأل عن هذا السؤال إلّا من قد أعطي صحّة وجود الإمام ، وسلّم ما ذكره من غيبته من
الأنام. لأنّ النظر في سبب الغيبة فرع عن كونها ، فلا يجوز أن يسأل عن سببها من
يقول أنّها لم تكن ، وكذلك الغيبة نفسها فرع عن صحّة الوجود ، إذ كان لا يصحّ غيبة
من ليس بموجود. فمن جحد وجود الامام فلا يصحّ كلامه فيما بعد ذلك من هذه
__________________