(وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (١٠٩) قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) (١١٠)
صلىاللهعليهوسلم وإنزال الفرقان (١) عليه وهو المراد بالوعد المذكور. إن بمعنى إنه وهي تؤكد الفعل كما أنّ إنّ تؤكد الاسم ، وكما أكدت إن باللام في (إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (٢) أكدت إن باللام في لمفعولا.
١٠٩ ـ (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ) ومعنى الخرور للذقن السقوط على الوجه ، وإنما خصّ الذقن لأنّ أقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض عند السجود الذقن ، يقال خرّ على وجهه وعلى ذقنه ، وخرّ لوجهه ولذقنه ، أما معنى على فظاهر ، وأما معنى اللام فكأنه جعل ذقنه ووجهه للخرور واختصه به إذ اللام للاختصاص ، وكرر يخرون للأذقان لاختلاف الحالين ، وهما خرورهم في حال كونهم ساجدين وخرورهم في حال كونهم باكين (وَيَزِيدُهُمْ) القرآن (خُشُوعاً) لين قلب ورطوبة عين.
١١٠ ـ (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) لما سمعه أبو جهل يقول يا الله يا رحمن قال إنه نهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلها آخر فنزلت (٣) ، وقيل إنّ أهل الكتاب قالوا إنك لتقلّ ذكر الرحمن وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم فنزلت ، والدعاء بمعنى التسمية لا بمعنى النداء ، وأو للتخيير أي سموا بهذا الاسم أو بهذا أو اذكروا إما هذا وإما هذا ، والتنوين في (أَيًّا ما تَدْعُوا) عوض من المضاف إليه ، وما زيدت للتوكيد ، وأيّا نصب بتدعوا وهو مجزوم بأي ، أي أيّ هذين الاسمين ذكرتم وسميتم (فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) والضمير في فله يرجع إلى ذات الله تعالى ، والفاء لأنه جواب الشرط ، أي أيّا ما تدعوا فهو حسن فوضع موضعه قوله فله الأسماء الحسنى لأنه إذا حسنت أسماؤه كلّها حسن هذان الاسمان لأنهما منها ، ومعنى كونها أحسن الأسماء إنها مستقلة بمعاني التمجيد والتقديس والتعظيم (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) بقراءة صلاتك على حذف المضاف لأنه لا يلبس إذ الجهر والمخافتة تعتقبان على الصوت لا غير ، والصلاة أفعال وأذكار ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرفع صوته بقراءته فإذا سمعها المشركون لغوا وسبّوا فأمر بأن يخفض من صوته ، والمعنى ولا تجهر حتى تسمع المشركين (وَلا تُخافِتْ بِها) حتى لا تسمع من خلفك (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ) بين الجهر والمخافتة
__________________
(١) في (ز) القرآن.
(٢) الصافات ، ٣٧ / ١٥٨.
(٣) أخرجه ابن مردويه وغيره عن ابن عباس ، قاله السيوطي في الأسباب.