(وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) (١٠٨)
ملتبسا بالحقّ والحكمة لاشتماله على الهداية إلى كلّ خير ، أو ما أنزلناه من السماء إلا بالحقّ محفوظا بالرصد من الملائكة وما نزل على الرسول إلا محفوظا بهم من تخليط الشياطين.
قال الراوي : اشتكى محمد بن السماك (١) فأخذنا ماءه وذهبنا به إلى طبيب نصراني فاستقبلنا رجل حسن الوجه طيب الرائحة نقيّ الثوب ، فقال لنا : إلى أين؟ فقلنا له إلى فلان الطبيب نريه ماء ابن السماك ، فقال : سبحان الله تستعينون على ولي الله بعدوّ الله اضربوه على الأرض وارجعوا إلى ابن السماك وقولوا له ضع يدك على موضع الوجع وقل : (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) ثم غاب عنا فلم نره ، فرجعنا إلى ابن السماك فأخبرناه بذلك ، فوضع يده على موضع الوجع وقال ما قال الرجل وعوفي في الوقت ، وقال كان ذلك الخضر عليهالسلام.
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً) بالجنة (وَنَذِيراً) من النار.
١٠٦ ـ (وَقُرْآناً) منصوب بفعل يفسره (فَرَقْناهُ) أي فصّلناه ، أو فرقنا فيه الحقّ من الباطل (لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ) على تؤدة وتثبّت (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) على حسب الحوادث.
١٠٧ ـ (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا) أي اختاروا لأنفسكم النعيم المقيم أو العذاب الأليم ، ثم علل بقوله (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) أي التوراة من قبل القرآن (إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ) القرآن (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) حال.
١٠٨ ـ (وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً) لقوله : (آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا) أي أعرض عنهم فإنهم إن لم يؤمنوا به ولم يصدقوا بالقرآن فإنّ خيرا منهم وهم العلماء الذين قرأوا الكتب قد آمنوا به وصدّقوه ، فإذا تلي عليهم خرّوا سجّدا وسبحوا الله تعظيما لأمره ولإنجازه ما وعد في الكتب المنزلة وبشّر به من بعثة محمد
__________________
(١) محمد بن السماك : هو محمد بن صبيح بن السماك ، أبو العباس ، كان يدخل على هارون الرشيد يعظه ، ناسك ، زاهد من كبارهم (حلية الأولياء ٨ / ٢٠٣).