سورة الأنعام
مكية وهي مائة وخمس وستون آية كوفي أربع وستون بصري
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١)
١ ـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) تعليم اللفظ ، والمعنى مع تعريض الاستغناء أي الحمد له وإن لم تحمدوه (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) جمع السماوات لأنها طباق بعضها فوق بعض. والأرض وإن كانت سبعة عند الجمهور فليس بعضها فوق بعض بل بعضها موال لبعض. جعل يتعدى إلى مفعول واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ ، كقوله (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) وإلى مفعولين إن كان بمعنى صيّر كقوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (١) وفيه ردّ قول الثنوية (٢) بقدم النور والظلمة ، وأفرد النور لإرادة الجنس ولأنّ ظلمة كلّ شيء تختلف باختلاف ذلك الشيء ، نظيره ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الموضع المظلم يخالف كلّ واحد منها صاحبها (٣) ، والنور ضرب واحد لا يختلف كما تختلف الظلمات ، وقدّم الظلمات لقوله عليهالسلام : (خلق الله خلقه في ظلمة ثم رشّ عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور
__________________
(١) الزخرف ، ٤٣ / ١٩.
(٢) الثنوية : هم أصحاب الإثنين الأزليين يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان ، وهم فرق أبرزها : المانويّة والمزدكيّة والدّيصانية والمرقيونيّة والكينويّة والصّياميّة والتناسخيّة (الملل والنحل ـ الباب الثالث ـ الفصل الثاني ص ١١٥).
(٣) في (ز) صاحبه.