(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢) وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١٤)
نفسه وأهله وماله وولده كما يدعو لهم بالخير ، أو يطلب النفع العاجل وإن قلّ بالضرر الآجل وإن جلّ (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) يتسرع إلى طلب كلّ ما يقع ما في قلبه ويخطر بباله لا يتأنّى فيه تأني المتبصر ، أو أريد بالإنسان الكافر وأنه يدعوه بالعذاب استهزاء ويستعجل به كما يدعو بالخير إذا مسته الشدة ، وكان الإنسان عجولا يعني أنّ العذاب آتية لا محالة فما هذا الاستعجال؟ وعن ابن عباس رضي الله عنهما هو النضر بن الحارث قال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) (١) ، الآية فأجيب فضربت عنقه صبرا ، وسقوط الواو من يدع في الخط على موافقة اللفظ.
١٢ ـ (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) أي الليل والنهار آيتان في أنفسهما فتكون الإضافة في آية الليل وآية النهار للتبيين ، كإضافة العدد إلى المعدود ، أي فمحونا الآية التي هي الليل وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة ، أو وجعلنا نيّريّ الليل والنهار آيتين يريد الشمس والقمر ، فمحونا آية الليل التي هي القمر حيث لم نخلق له شعاعا كشعاع الشمس فترى الأشياء به رؤية بينة ، وجعلنا الشمس ذات شعاع يبصر في ضوئها كلّ شيء (لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) لتتوصلوا ببياض النهار إلى التصرف في معايشكم (وَلِتَعْلَمُوا) باختلاف الجديدين (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) يعني حساب الآجال ومواسم الأعمال ، ولو كانا مثلين لما عرف الليل من النهار ولا استراح حرّاص المكتسبين والتجار (وَكُلَّ شَيْءٍ) مما تفتقرون إليه في دينكم ودنياكم (فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) بيناه بيانا غير ملتبس فأزحنا عللكم وما تركنا لكم حجّة علينا.
١٣ ـ (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ) عمله (فِي عُنُقِهِ) يعني أنّ عمله لازم له لزوم القلادة ، أو الغلّ للعنق لا يفكّ عنه (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ) هو صفة لكتابا. يلقّاه شامي (مَنْشُوراً) حال من يلقاه ، يعني غير مطوي ليمكنه قراءته ، أو هما صفتان للكتاب ، ونقول له :
١٤ ـ (اقْرَأْ كِتابَكَ) أي كتاب أعمالك ، وكلّ يبعث قارئا (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ
__________________
(١) الأنفال ، ٨ / ٣٢.