(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (٤٣)
٤٠ ـ (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) وبعض ذريتي ، عطفا على المنصوب في اجعلني ، وإنما بعّض لأنه علم بإعلام الله أنه يكون في ذريته كفار ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : لا يزال من ولد إبراهيم ناس على الفطرة إلى أن تقوم الساعة (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) بالياء في الوصل والوقف مكي ، وافقه أبو عمرو وحمزة في الوصل ، الباقون بلا ياء ، أي استجب دعائي أو عبادتي وأعتزلكم وما تدعون من دون الله.
٤١ ـ (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) أي آدم وحواء ، أو قاله قبل النهي واليأس عن إيمان أبويه (وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) أي يثبت ، أو أسند إلى الحساب قيام أهله إسنادا مجازيا مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (١).
٤٢ ـ (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) تسلية للمظلوم وتهديد للظالم ، والخطاب لغير الرسول عليهالسلام ، وإن كان للرسول فالمراد تثبيته عليهالسلام على ما كان عليه من أنه لا يحسب الله غافلا كقوله : (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) (٢) وكما جاء في الأمر (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) (٣) وقيل المراد به الإيذان بأنه عالم بما يفعل الظالمون لا يخفى عليه منه شيء ، وأنه معاقبهم على قليله وكثيره على سبيل الوعيد والتهديد كقوله : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (٤) (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) أي عقوبتهم (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) أي أبصارهم لا تقرّ في أماكنها من هول ما ترى.
٤٣ ـ (مُهْطِعِينَ) مسرعين إلى الداعي (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) رافعيها (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) صفر من الخير ، لا تعي شيئا من الخوف ، والهواء الخلاء الذي لم تشغله الأجرام فوصف به ،
__________________
(١) يوسف ، ١٢ / ٨٢.
(٢) القصص ، ٢٨ / ٨٧ ـ ٨٨.
(٣) النساء ، ٤ / ١٣٦.
(٤) البقرة ، ٢ / ٢٨٣.