اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤)
(وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) المقول محذوف لأنّ قل تقتضي مقولا وهو أقيموا ، وتقديره قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا ، يقيموا الصلاة وينفقوا ، وقيل إنه أمر وهو المقول ، والتقدير ليقيموا ولينفقوا فحذف اللام لدلالة قل عليه ، ولو قيل يقيموا الصلاة وينفقوا ابتداء بحذف اللام لم يجز (سِرًّا وَعَلانِيَةً) انتصبا على الحال أي ذوي سرّ وعلانية ، يعني مسرّين ومعلنين ، أو على الظرف ، أي وقتي سرّ وعلانية ، أو على المصدر ، أي إنفاق سرّ وانفاق علانية ، والمعنى إخفاء التطوع وإعلان الواجب (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) أي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالّة ، والخلال المخالّة ، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله. بفتحهما مكي وبصري ، والباقون بالرفع والتنوين.
٣٢ ـ (اللهُ) مبتدأ (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) خبره (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) من السحاب مطرا (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) من الثمرات بيان للرزق ، أي أخرج به رزقا هو ثمرات ، أو من الثمرات مفعول أخرج ورزقا حال من المفعول (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ).
٣٣ ـ (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) دائمين ، وهو حال من الشمس والقمر ، أي يدأبان في سيرهما وإنارتهما ودرئهما الظلمات وإصلاحهما ما يصلحان من الأرض والأبدان والنبات (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) يتعاقبان خلفة لمعاشكم وسباتكم.
٣٤ ـ (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) من للتبعيض ، أي آتاكم بعض جميع ما سألتموه ، أو وآتاكم من كلّ شيء سألتموه وما لم تسألوه ، فما موصوفة (١) والجملة صفة لها ، وحذفت الجملة الثانية لأنّ الباقي يدلّ على المحذوف كقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) (٢) من كلّ عن أبي عمرو ، وما سألتموه نفي ومحلّه النصب على الحال ، أي آتاكم من جميع ذلك غير سائليه ، أو ما موصولة ، أي وآتاكم من كلّ ذلك ما
__________________
(١) في (ز) موصولة.
(٢) النحل ، ١٦ / ٨١.