(تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (٢٧)
أصلها تصديق بالجنان ، وفرعها إقرار باللسان ، وأكلها عمل الأركان ، وكما أنّ الشجرة شجرة وإن لم تكن حاملا ، فالمؤمن مؤمن وإن لم يكن عاملا ، ولكن الأشجار لا تراد إلا للثمار ، فما أقوات النار إلا من الأشجار إذا اعتادت الإخفار في عهد الأثمار ، والشجرة كلّ شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين ونحو ذلك ، والجمهور على أنها النخلة ، فعن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ذات يوم : (إنّ الله تعالى ضرب مثل المؤمن شجرة فأخبروني ما هي) فوقع الناس في شجر البوادي ، وكنت صبيا ، فوقع في قلبي أنها النخلة ، فهبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أقولها وأنا أصغر القوم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (ألا إنها النخلة) فقال عمر : يا بني لو كنت قلتها لكانت أحبّ إليّ من حمر النّعم (١).
٢٥ ـ (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) تعطي ثمرها كلّ وقت وقّته الله لإثمارها (بِإِذْنِ رَبِّها) بتيسير خالقها وتكوينه (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) لأنّ في ضرب الأمثال زيادة أفهام وتذكير وتصوير للمعاني.
٢٦ ـ (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) هي كلمة الكفر (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) هي كلّ شجرة لا يطيب ثمرها ، وفي الحديث أنها شجرة الحنظل (٢) (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) استؤصلت جثتها ، وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثة كلّها ، وهو في مقابلة أصلها ثابت (ما لَها مِنْ قَرارٍ) أي استقرار ، يقال قرّ الشيء قرارا كقولك ثبت ثبوتا ، شبّه بها القول الذي لا يعضد بحجة فهو داحض غير ثابت.
٢٧ ـ (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) أي يديمهم عليه (بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) هو قول لا إله إلا الله محمد رسول الله (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) حتى إذا فتنوا في دينهم لم يزلّوا (٣) ، كما ثبّت الذين فتنهم أصحاب الأخدود وغير ذلك (وَفِي الْآخِرَةِ) الجمهور على
__________________
(١) متفق عليه وله ألفاظ.
(٢) رواه ابن جرير عن مجاهد.
(٣) في (ظ) لم يزالوا.