(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ (٢٣) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) (٢٤)
ينجي بعضنا بعضا من عذاب الله ولا يغيثه ، والإصراخ الإغاثة ، بمصرخيّ حمزة اتباعا للخاء ، غيره بفتح الياء لئلا تجتمع الكسرة والياءان بعد كسرتين ، وهو جمع مصرخ ، فالياء الأولى ياء الجمع والثانية ضمير المتكلم (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ) وبالياء بصري وما مصدرية (مِنْ قَبْلُ) متعلق بأشركتموني ، أي كفرت اليوم بإشراككم إياي مع الله من قبل هذا اليوم ، أي في الدنيا كقوله : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) (١) ومعنى كفره بإشراكهم إياه تبرّؤه منه واستنكاره له ، كقوله : (إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ) (٢) ومن قبل متعلق بكفرت ، وما موصولة أي كفرت من قبل حين أبيت السجود لآدم بالذي أشركتمونيه وهو الله عزوجل ، تقول أشركني فلان أي جعلني له شريكا ، ومعنى إشراكهم الشيطان بالله طاعتهم له فيما كان يزينه لهم من عبادة الأوثان ، وهذا آخر قول الشيطان ، وقوله (إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قول الله عزوجل ، وقيل هو من تمام كلام إبليس ، وإنما حكى الله عزوجل ما سيقوله في ذلك الوقت ليكون لطفا للسامعين.
٢٣ ـ (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) عطف على برزوا (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) متعلق بأدخل ، أي أدخلتهم الملائكة الجنة بإذن الله وأمره (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) هو تسليم بعضهم على بعض في الجنة ، أو تسليم الملائكة عليهم.
٢٤ ـ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) أي وضعه (٣) وبيّنه (كَلِمَةً طَيِّبَةً) نصب بمضمر ، أي جعل كلمة طيبة (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) وهو تفسير لقوله ضرب الله مثلا ، نحو شرّف الأمير زيدا كساه حلّة وحمله على فرس ، أو انتصب مثلا وكلمة بضرب ، أي ضرب كلمة طيبة مثلا ، يعني جعلها مثلا ، ثم قال كشجرة طيبة على أنها خبر مبتدأ محذوف ، أي هي كشجرة طيبة (أَصْلُها ثابِتٌ) أي في الأرض ضارب بعروقه فيها (وَفَرْعُها) وأعلاها ورأسها (فِي السَّماءِ) والكلمة الطيبة كلمة التوحيد ،
__________________
(١) فاطر ، ٣٥ / ١٤.
(٢) الممتحنة ، ٦٠ / ٤.
(٣) في (ز) وصفه.