(مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣) وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (٨٦)
٨٣ ـ (مُسَوَّمَةً) نعت لحجارة ، أي معلّمة للعذاب ، قيل مكتوب على كلّ واحد اسم من يرمى به (عِنْدَ رَبِّكَ) في خزائنه ، أو في حكمه (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) بشيء بعيد ، وفيه وعيد لأهل مكة ، فإنّ جبريل عليهالسلام قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يعني ظالمي أمتك ، ما من ظالم منهم إلّا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة ، أو الضمير للقرى ، أي هي قريبة من ظالمي مكة يمرون بها في مسايرهم.
٨٤ ـ (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) هو اسم مدينتهم أو اسم جدّهم مدين بن إبراهيم ، أي وأرسلنا شعيبا إلى ساكني مدين ، أو إلى بني مدين (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ) أي المكيل بالمكيال (وَالْمِيزانَ) والموزون بالميزان (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) بثروة وسعة تغنيكم عن التطفيف ، أو أراكم بنعمة من الله حقّها أن تقابل بغير ما تفعلون (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) مهلك ، من قوله (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) (١) وأصله من إحاطة العدو ، والمراد عذاب الاستئصال في الدنيا ، أو عذاب الآخرة.
٨٥ ـ (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) أتموهما (بِالْقِسْطِ) بالعدل ، نهوا أولا عن عين القبيح الذي كانوا عليه من نقص المكيال والميزان ، ثم ورد الأمر بالإيفاء الذي هو حسن في العقول لزيادة الترغيب فيه ، وجيء به مقيدا بالقسط أي ليكن الإيفاء على وجه العدل والتسوية من غير زيادة ولا نقصان (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) البخس : النقص ، كانوا ينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياء ، فنهوا عن ذلك (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) العثي والعيث أشدّ الفساد نحو السرقة والغارة وقطع السبيل ، ويجوز أن يجعل البخس والتطفيف عثيا منهم في الأرض.
٨٦ ـ (بَقِيَّتُ اللهِ) ما يبقى لكم من الحلال بعد التنزّه عما هو حرام عليكم
__________________
(١) الكهف ، ١٨ / ٤٢.