(قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (٨٢)
٨١ ـ (قالُوا يا لُوطُ) إنّ ركنك لشديد (إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) فافتح الباب ودعنا وإياهم ، ففتح الباب ، فدخلوا ، فاستأذن جبريل عليهالسلام ربّه في عقوبتهم ، فأذن له ، فضرب بجناحه وجوههم ، فطمس أعينهم ، فأعماهم كما قال الله تعالى (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) (١) فصاروا لا يعرفون الطريق فخرجوا وهم يقولون : النجاء ، النجاء فإنّ في بيت لوط قوما سحرة (لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) جملة موضحة للتي قبلها ، لأنهم إذا كانوا رسل الله لم يصلوا إليه ولم يقدروا على ضرره (فَأَسْرِ) (٢) بالوصل حجازي من سرى (بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) طائفة منه ، أو نصفه (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) بقلبه إلى ما خلّف ، أو لا ينظر إلى ما وراءه ، أو لا يتخلف منكم أحد (إِلَّا امْرَأَتَكَ) مستثنى من فأسر بأهلك. وبالرفع مكي وأبو عمرو على البدل من أحد ، وفي إخراجها مع أهله روايتان : روي أنه أخرجها معهم وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلّا هي ، فلما سمعت هدّة العذاب التفتت وقالت : يا قوماه ، فأدركها حجر فقتلها. وروي أنه أمر بأن يخلّفها مع قومها فإنّ هواها إليهم فلم يسر بها ، واختلاف القراءتين لاختلاف الروايتين (إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) أي إنّ الأمر ، وروي أنه قال لهم : متى موعد هلاكهم؟ قالوا (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) فقال : أريد أسرع من ذلك ، فقالوا (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).
٨٢ ـ (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها) جعل جبريل عليهالسلام جناحه في أسفلها أي أسفل قراها ، ثم رفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ، ثم قلبها عليهم ، وأتبعوا الحجارة من فوقهم ، وذلك قوله (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) هي كلمة معرّبة من «سنك كل» بدليل قوله حجارة من طين (مَنْضُودٍ) نعت لسجيل ، أي متتابع ، أو مجموع معدّ للعذاب.
__________________
(١) القمر ، ٥٤ / ٣٧.
(٢) في مصحف النسفي : «فاسر» بهمزة وصل تسقط في الدرج وحينئذ يصير النطق بسين ساكنة بعد إلفاء.