(تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩) وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٥١)
لأنّ الأمم تنشعب (١) منهم ، أو لابتداء الغاية أي على أمم ناشئة ممن معك ، وهي الأمم إلى آخر الدهر وهو الوجه (وَأُمَمٌ) رفع بالابتداء (سَنُمَتِّعُهُمْ) في الدنيا بالسّعة في الرزق والخفض (٢) في العيش ، صفة والخبر محذوف تقديره وممن معك أمم سنمتعهم وإنما حذف لأنّ ممن معك يدلّ عليه (ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) أي في الآخرة ، والمعنى أنّ السلام منا والبركات عليك وعلى أمم مؤمنين ينشؤون ممن معك. وممن معك أمم ممتعون بالدنيا منقلبون إلى النار ، وكان نوح عليهالسلام أبا الأنبياء والخلق بعد الطوفان منه وممن كان معه في السفينة ، وعن محمد بن كعب دخل في ذلك السلام كلّ مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ، وفيما بعده من المتاع والعذاب كلّ كافر.
٤٩ ـ (تِلْكَ) إشارة إلى قصة نوح عليهالسلام ومحلّها الرفع على الابتداء والجمل بعدها وهي (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ) أخبار ، أي تلك القصة بعض أنباء الغيب موحاة إليك مجهولة عندك وعند قومك (مِنْ قَبْلِ هذا) الوقت أو من قبل إيحائي إليك وإخبارك بها (فَاصْبِرْ) على تبليغ الرسالة وأذى قومك كما صبر نوح ، وتوقع في العاقبة لك ولمن كذّبك نحو ما كان لنوح ولقومه (إِنَّ الْعاقِبَةَ) في الفوز والنصر والغلبة (لِلْمُتَّقِينَ) عن الشرك.
٥٠ ـ (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ) واحدا منهم وانتصابه للعطف على أرسلنا نوحا ، أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم (هُوداً) عطف بيان (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ) وحّدوه (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) بالرفع نافع ، صفة على محل الجار والمجرور ، وبالجر عليّ على اللفظ (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) تفترون على الله الكذب باتخاذكم الأوثان له شركاء.
٥١ ـ (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا) (٣) (عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي) ما من
__________________
(١) ليس في (ظ) أو قيل لهم أمم لأن الأمم تنشعب منهم ، وفي (ز) تتشعب.
(٢) الخفض في العيش : الدعة والسكون.
(٣) سقطت من (ز).