(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١) وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٢)
المصدر إلى المفعول ، أو تحية الله لهم (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح (أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أن يقولوا الحمد لله ربّ العالمين ، أن مخففة من الثقيلة وأصله أنه الحمد لله ربّ العالمين ، والضمير للشأن ، قيل أول كلامهم التسبيح وآخره التحميد ، فيبتدئون بتعظيم الله وتنزيهه ويختمون بالشكر والثناء عليه ، ويتكلمون بينهما بما أرادوا.
١١ ـ (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) أصله ولو يعجّل الله للناس الشرّ تعجيله لهم الخير ، فوضع استعجالهم بالخير موضع تعجيله لهم الخير إشعارا بسرعة إجابته لهم ، والمراد أهل مكة وقولهم (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) (١) أي ولو عجّلنا لهم الشرّ الذي دعوا به كما نعجّل لهم الخير ونجيبهم إليه (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) لأميتوا وأهلكوا. لقضى إليهم أجلهم شامي ، على البناء للفاعل وهو الله عزوجل (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ) شركهم وضلالهم (يَعْمَهُونَ) يتردّدون ، ووجه اتصاله بما قبله أنّ قوله ولو يعجّل الله متضمن معنى نفي التعجيل ، كأنه قيل ولا نعجّل لهم الشر ، ولا نقضي إليهم أجلهم فنذرهم في طغيانهم ، أي فنمهلهم ونفيض عليهم النعمة مع طغيانهم إلزاما للحجّة عليهم.
١٢ ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ) أصابه ، والمراد به الكافر (الضُّرُّ دَعانا) أي دعا الله لإزالته (لِجَنْبِهِ) في موضع الحال بدليل عطف الحالين ، أي (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) عليه ، أي دعانا مضطجعا ، أو فائدة ذكر هذه الأحوال أنّ معناه أنّ المضرور لا يزال داعيا لا يفتر عن الدعاء حتى يزول عنه الضرّ فهو يدعونا في حالاته كلّها سواء كان مضطجعا عاجزا عن النهوض أو قاعدا لا يقدر على القيام أو قائما لا يطيق المشي (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ) أزلنا ما به (مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) أي مضى على طريقته الأولى قبل مسّ الضّرّ ونسي حال الجهد ، أو مرّ عن موقف الابتهال
__________________
(١) الأنفال ، ٨ / ٣٢.