(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥)
والتضرّع لا يرجع إليه كأنه لا عهد له (١) ، والأصل كأنه لم يدعنا ، فخفّف وحذف ضمير الشأن (كَذلِكَ) مثل ذلك التزيين (زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ) للمجاوزين الحدّ في الكفر زيّن الشيطان بوسوسته (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الإعراض عن الذكر وإتباع الكفر.
١٣ ـ (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ) يا أهل مكّة (لَمَّا ظَلَمُوا) أشركوا ، وهو ظرف لأهلكنا ، والواو في (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) للحال ، أي ظلموا بالتكذيب وقد جاءتهم رسلهم (بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات (وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) إن بقوا ولم يهلكوا لأنّ الله علم منهم أنّهم يصرّون على كفرهم ، وهو عطف على ظلموا ، أو اعتراض ، واللام لتأكيد النفي ، يعني أنّ السبب في إهلاكهم تكذيبهم للرسل وعلم الله أنه لا فائدة في إمهالهم بعد أن ألزموا الحجّة ببعثة الرسل (كَذلِكَ) مثل ذلك الجزاء ، يعني الإهلاك (نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) وهو وعيد لأهل مكة على إجرامهم بتكذيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
١٤ ـ (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ) الخطاب للذين بعث إليهم محمد (٢) رسول الله ، أي استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكنا (٣) (لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) أي للنظر أتعملون خيرا أو شرا فنعاملكم على حسب عملكم ، وكيف في محلّ النصب بتعملون لا بننظر ، لأن معنى الاستفهام فيه يمنع أن يتقدّم عليه عامله ، والمعنى أنتم بمنظر منّا فانظروا كيف تعملون؟ أبالاعتبار بماضيكم أم الاغترار بما فيكم؟ قال عليهالسلام : (الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون) (٤).
١٥ ـ (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) حال (قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا) لما غاظهم ما في القرآن من ذمّ عبادة الأوثان والوعيد لأهل الطغيان (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا) ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك (أَوْ بَدِّلْهُ) بأن تجعل مكان آية عذاب آية رحمة وتسقط ذكر الآلهة وذمّ عبادتها ، فأمر بأن يجيب عن التبديل لأنه داخل تحت
__________________
(١) زاد في (ز) به.
(٢) في (ظ) محمد عليهالسلام ، وفي (ز) محمد صلىاللهعليهوسلم.
(٣) في (ز) أهلكناها.
(٤) رواه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري.