انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (٤٢)
(كَفَرُوا) أي دعوتهم إلى الكفر (السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ) دعوته إلى الإسلام (هِيَ) فصل (الْعُلْيا) وكلمة الله (١) يعقوب بالعطف والرفع على الاستئناف أوجه إذ هي كانت ولم تزل عالية (وَاللهُ عَزِيزٌ) يعزّ بنصره أهل كلمته (حَكِيمٌ) يضلّ (٢) أهل الشرك بحكمته.
٤١ ـ (انْفِرُوا خِفافاً) في النفور لنشاطكم له (وَثِقالاً) عنه لمشقته عليكم ، أو خفافا لقلة عيالكم وثقالا لكثرتها ، أو خفافا من السلاح وثقالا منه ، أو ركبانا ومشاة ، أو شبابا وشيوخا ، أو مهازيل وسمانا ، أو صحاحا ومراضا (وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) إيجاب للجهاد بهما إن أمكن ، أو بأحدهما على حسب الحال والحاجة (فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ) الجهاد (خَيْرٌ لَكُمْ) من تركه (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) كون ذلك خيرا فبادروا إليه ، ونزل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين.
٤٢ ـ (لَوْ كانَ عَرَضاً) هو ما عرض لك من منافع الدنيا ، يقال الدنيا عرض حاضر يأكل منه البرّ والفاجر ، أي لو كان ما دعوا إليه مغنما (قَرِيباً) سهل المأخذ (وَسَفَراً قاصِداً) وسطا مقاربا ، والقاصد والقصد المعتدل (لَاتَّبَعُوكَ) لوافقوك في الخروج (وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) المسافة الشاطّة الشاقة (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ) من دلائل النبوة لأنه أخبر بما سيكون بعد القفول فقالوا كما أخبر ، وبالله متعلق بسيحلفون أو هو من جملة كلامهم ، والقول مراد في الوجهين ، أي سيحلفون يعني المتخلفين عند رجوعك من غزوة تبوك معتذرين يقولون : بالله لو استطعنا لخرجنا معكم ، أو سيحلفون بالله يقولون لو استطعنا ، وقوله لخرجنا سدّ مسدّ جوابي القسم ، ولو جميعا. ومعنى الاستطاعة استطاعة العدة أو استطاعة الأبدان كأنهم تمارضوا (يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ) بدل من سيحلفون ، أو حال منه ، أي مهلكين ، والمعنى أنهم يهلكونها بالحلف الكاذب ، أو حال من لخرجنا ، أي لخرجنا معكم وإن أهلكنا
__________________
(١) زاد في (ز) بالنصب.
(٢) في (ظ) و (ز) يذل.