(إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٤٠)
وأطوع ، وأنه غني عنهم في نصرة دينه لا يقدح تثاقلهم فيها شيئا ، وقيل الضمير في ولا تضرّوه للرسول عليه السّلام ، لأنّ الله وعده أن يعصمه من الناس وأن ينصره ، ووعده كائن لا محالة (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من التبديل والتعذيب وغيرهما (قَدِيرٌ).
٤٠ ـ (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ) إن لا (١) تنصروه فسينصره من نصره حين لم يكن معه إلّا رجل واحد ، فدلّ بقوله فقد نصره الله على أنه ينصره في المستقبل كما نصره في ذلك الوقت (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أسند الإخراج إلى الكفار لأنهم حين هموا بإخراجه أذن الله له في الخروج فكأنهم أخرجوه (ثانِيَ اثْنَيْنِ) أحد اثنين كقوله : (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٢) وهما رسول الله وأبو بكر وانتصابه على الحال (إِذْ هُما) بدل من إذ أخرجه (فِي الْغارِ) هو نقب في أعلى ثور ، وهو جبل في يمنى مكة على مسيرة ساعة ، مكثا فيه ثلاثا (إِذْ يَقُولُ) بدل ثان (لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) بالنّصرة والحفظ ، قيل : طلع المشركون فوق الغار فأشفق أبو بكر على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إن تصب اليوم ذهب دين الله ، فقال عليهالسلام : (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) (٣). وقيل : لما دخل الغار بعث الله حمامتين فباضتا في أسفله ، والعنكبوت فنسجت عليه (٤) ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (اللهم أعم أبصارهم) فجعلوا يترددون حول الغار ولا يفطنون قد أخذ الله بأبصارهم عنه (٥) ، وقالوا : من أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر لإنكاره كلام الله ، وليس ذلك لسائر الصحابة (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ) ما ألقى في قلبه من الأمنة التي سكن عندها وعلم أنهم لا يصلون إليه (عَلَيْهِ) على النبي صلىاللهعليهوسلم ، أو على أبي بكر لأنه كان يخاف وكان عليهالسلام ساكن القلب (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) هم الملائكة صرفوا وجوه الكفار وأبصارهم عن أن يروه ، أو أيده بالملائكة يوم بدر والأحزاب وحنين (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ
__________________
(١) في (ظ) و (ز) إلّا.
(٢) المائدة ، ٥ / ٧٣.
(٣) قال ابن حجر لم أجده هكذا ـ بهذا اللفظ ـ وفي الصحيحين عن أبي بكر بألفاظ مختلفة.
(٤) رواه البزار من طريق عوف بن عمرو عن أبي مصعب المكي : سمعت أنس بن مالك وغيره.
(٥) قال ابن حجر : لم أجده. لكن البغوي ذكره عن الزهري.