(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) (١٢)
بالإيمان والوفاء بالعهد ، وهو كلام مبتدأ في وصف حالهم من مخالفة الظاهر الباطن مقرر لاستبعاد الثبات منهم على العهد (وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) الإيمان والوفاء بالعهد (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) ناقضون العهد ، أو متمردون في الكفر ، لا مروّة تزعهم (١) عن الكذب ، ولا شمائل تردعهم عن النّكث ، كما يوجد ذلك في بعض الكفرة من التفادي عنهما.
٩ ـ (اشْتَرَوْا) استبدلوا (بِآياتِ اللهِ) بالقرآن (ثَمَناً قَلِيلاً) عرضا يسيرا وهو اتباع الأهواء والشهوات (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) فعدلوا عنه وصرفوا غيرهم (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي بئس الصنيع صنيعهم.
١٠ ـ (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) ولا تكرار لأنّ الأول على الخصوص حيث قال فيكم ، والثاني على العموم لأنه قال في مؤمن (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) المجاوزون الغاية في الظلم والشرارة.
١١ ـ (فَإِنْ تابُوا) عن الكفر (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ) فهم إخوانكم على حذف المبتدأ (فِي الدِّينِ) لا في النسب (وَنُفَصِّلُ الْآياتِ) ونبيّنها (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يفهمون فيتفكرون فيها وهذا اعتراض ، كأنه قيل وإنّ من تأمل تفصيلها فهو العالم ، تحريضا على تأمّل ما فصّل من أحكام المشركين المعاهدين وعلى المحافظة عليها.
١٢ ـ (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ) أي نقضوا العهود المؤكدة بالأيمان (وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ) وعابوه (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) فقاتلوهم ، فوضع أئمة الكفر موضع ضميرهم ، وهم رؤساء الشرك ، أو زعماء قريش الذين همّوا بإخراج الرسول ، وقالوا : إذا طعن الذميّ في دين الإسلام طعنا ظاهرا جاز قتله ، لأنّ العهد معقود معه
__________________
(١) في (ز) لا مروءة تمنعهم.