(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) (٨)
٦ ـ (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ) أحد مرتفع بفعل الشرط مضمرا (١) يفسره الظاهر ، أي وإن استجارك أحد استجارك ، والمعنى وإن جاءك أحد من المشركين بعد انقضاء الأشهر لا عهد بينك وبينه واستأمنك ليسمع ما تدعو إليه من التوحيد والقرآن فأمّنه (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) ويتدبره ويطّلع على حقيقة الأمر ، (ثُمَّ أَبْلِغْهُ) بعد ذلك (مَأْمَنَهُ) داره التي يأمن فيها إن لم يسلم ، ثم قاتله إن شئت ، وفيه دليل على أنّ المستأمن لا يؤذى ، وليس له الإقامة في دارنا ، ويمكّن من العود (ذلِكَ) أي الأمر بالإجارة في قوله فأجره (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) بسبب أنهم قوم جهلة لا يعلمون ما الإسلام ، وما حقيقة ما يدعو إليه ، فلا بدّ من إعطائهم الأمان حتى يسمعوا أو يفهموا الحق.
٧ ـ (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) كيف استفهام في معنى الاستنكار أي مستنكر أن يثبت لهؤلاء عهد ، فلا تطمعوا في ذلك ولا تحدّثوا به نفوسكم ولا تفكّروا في قتلهم ، ثم استدرك ذلك بقوله (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ) أي ولكن الذين عاهدتم منهم (عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ولم يظهر منهم نكث كبني كنانة وبني ضمرة ، فتربصوا أمرهم ولا تقاتلوهم (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ) (٢) فما أقاموا على وفاء العهد (فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) على الوفاء ، وما شرطية ، أي فإن استقاموا لكم فاستقيموا لهم (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) يعني أنّ التربّص بهم من أعمال المتقين.
٨ ـ (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) تكرار لاستبعاد ثبات المشركين على العهد ، وحذف الفعل لكونه معلوما ، أي كيف يكون لهم عهد وحالهم أنهم إن يظهروا عليكم أي يظفروا بكم بعد ما سبق لهم من تأكيد الأيمان والمواثيق (لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا) لا يراعوا حلفا أو (٣) قرابة (وَلا ذِمَّةً) عهدا (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ) بالوعد
__________________
(١) في (ز) بفعل شرط مضمر.
(٢) زاد في (ز) ولم يظهر منهم نكث أي.
(٣) في (ز) ولا.