(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥) وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (٤٧)
الكثير قليلا بأن يستر الله بعضهم بساتر ، أو يحدث في عيونهم ما يستقلّون له (١) الكثير كما أحدث في أعين الحول ما يرون له (٢) الواحد اثنين ، قيل لبعضهم إنّ الأحول يرى الواحد اثنين وكان بين يديه ديك واحد ، فقال : مالي لا أرى هذين الديكين أربعة (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) فيحكم فيها بما يريد ، ترجع شامي وحمزة وعليّ.
٤٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً) إذا حاربتم جماعة من الكفار ، وترك وصفها ، لأنّ المؤمنين ما كانوا يلقون إلا الكفار ، واللقاء اسم غالب للقتال (فَاثْبُتُوا) لقتالهم ، ولا تفرّوا (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) في مواطن الحرب مستظهرين بذكره مستنصرين به داعين له على عدوكم : اللهم اخذلهم ، اللهم اقطع دابرهم (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) تظفرون بمرادكم من النّصرة والمثوبة ، وفيه إشعار بأن على العبد أن لا يفتر عن ذكر ربّه ، أشغل ما يكون قلبا وأكثر ما يكون همّا ، وأن تكون نفسه مجتمعة لذلك ، وإن كانت متوزعة عن غيره.
٤٦ ـ (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في الأمر بالجهاد والثبات مع العدوّ وغيرهما (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا) فتجبنوا ، وهو منصوب بإضمار أن ويدلّ عليه (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي دولتكم ، يقال هبّت رياح فلان إذا دالت له الدولة ونفذ أمره ، شبهت في نفوذ أمرها ، وتمشيته بالريح وهبوبها ، وقيل لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله ، وفي الحديث : (نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور) (٣) (وَاصْبِرُوا) في القتال مع العدو وغيره (إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) أي معينهم وحافظهم.
٤٧ ـ (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ) هم أهل مكة حين نفروا لحماية العير ، فأتاهم رسول أبي سفيان أن ارجعوا فقد سلمت عيركم ، فأبى
__________________
(١) في (ز) به.
(٢) في (ظ) و (ز) به.
(٣) متفق عليه من طريق مجاهد عن ابن عباس.