(ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ (١٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١٦)
مبتدأ خبره (بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي ذلك العقاب وقع عليهم بسبب مشاقّتهم ، أي مخالفتهم ، وهي مشتقة من الشّقّ لأنّ كلا المتعاديين في شقّ خلاف شقّ صاحبه ، وكذا المعاداة والمخاصمة لأنّ هذا في عدوة وخصم (١) أي جانب وذاك في عدوة وخصم (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) والكاف في ذلك لخطاب الرسول ، أو لكلّ أحد.
١٤ ـ وفي (ذلِكُمْ) للكفرة على طريقة الالتفات ، ومحلّه الرفع على ذلكم العقاب أو العقاب ذلكم (فَذُوقُوهُ) (٢) والواو في (وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) بمعنى مع ، أي ذوقوا هذا العذاب العاجل مع الآجل الذي لكم في الآخرة ، فوضع الظاهر موضع الضمير.
١٥ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً) حال من الذين كفروا. والزحف الجيش الذي يرى لكثرته كأنه يزحف ، أي يدبّ دبيبا من زحف الصبيّ إذا دبّ على استه قليلا قليلا ، سمّي بالمصدر (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ) فلا تنصرفوا عنهم منهزمين ، أي إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير وأنتم قليل فلا تفروا ، فضلا أن تدانوهم في العدد أو تساووهم ، أو حال من المؤمنين أو من الفريقين ، أي إذا لقيتموهم متزاحفين هم وأنتم.
١٦ ـ (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً) مائلا (لِقِتالٍ) هو الكرّ بعد الفرّ يخيّل عدوّه أنه منهزم ثم يعطف عليه ، وهو من خدع الحرب (أَوْ مُتَحَيِّزاً) منضما (إِلى فِئَةٍ) إلى جماعة من المسلمين سوى الفئة التي هو فيها ، وهما حالان من ضمير الفاعل في يولّهم (فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ووزن متحيز متفيعل لا متفعّل لأنه من حاز يحوز فبناء متفعل منه متحوّز.
__________________
(١) عدوة بالكسر والضم المكان المرتفع (القاموس ٤ / ٣٦٠) ، والخصم بالضم الجانب والزاوية والناحية (القاموس ٤ / ١٠٧).
(٢) أعدنا تقسيم الآية كما في (أ).