(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ (١١) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ (١٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١٣)
١١ ـ (إِذْ يُغَشِّيكُمُ) بدل ثان من إذ يعدكم ، أو منصوب بالنصر ، أو بإضمار اذكر. يغشيكم مدني (النُّعاسَ) النوم ، والفاعل هو الله على القراءتين. يغشاكم النعاس مكي وأبو عمرو (أَمَنَةً) مفعول له ، أي إذ تنعسون أمنة بمعنى أمنا ، أي لأمنكم ، أو مصدر ، أي فأمنتم أمنة ، فالنوم يزيح الرعب ويريح النفس (مِنْهُ) صفة لها ، أي أمنة حاصلة لكم من الله (وَيُنَزِّلُ) بالتخفيف مكي وبصري ، وبالتشديد غيرهم (عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً) مطرا (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) بالماء من الحدث والجنابة (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) وسوسته إليهم وتخويفه إياهم من العطش ، أو الجنابة من الاحتلام ، لأنه من الشيطان ، وقد وسوس إليهم أن لا نصرة مع الجنابة (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ) بالصبر (وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) أي بالماء إذ الأقدام كانت تسوخ في الرمل ، أو بالربط لأنّ القلب إذا تمكّن فيه الصبر يثبت القدم في مواطن القتال.
١٢ ـ (إِذْ يُوحِي) بدل ثالث من إذ يعدكم ، أو منصوب بيثبّت (رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ) بالنصر (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) بالبشرى ، وكان الملك يسير أمام الصف في صورة رجل ويقول أبشروا فإنّ الله ناصركم (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) هو امتلاء القلب من الخوف ، والرعب شامي وعلي (فَاضْرِبُوا) أمر للمؤمنين أو الملائكة ، وفيه دليل على أنهم قاتلوا (فَوْقَ الْأَعْناقِ) أي أعالي الأعناق التي هي المذابح ، تطييرا للرؤوس أو أراد الرؤوس لأنها فوق الأعناق ، يعني ضرب الهام (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) هي الأصابع يريد الأطراف ، والمعنى فاضربوا المقاتل والشّوى (١) لأنّ الضرب إمّا أن يقع على مقتل أو غير مقتل ، فأمرهم أن يجمعوا عليهم النوعين.
١٣ ـ (ذلِكَ) إشارة إلى ما أصابهم من الضرب والقتل والعقاب العاجل ، وهو
__________________
(١) الشوى : اليدان والرجلان وقحف الرأس وما كان غير مقتل (القاموس ٤ / ٣٥٠).