(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١٠)
الإرادتين ، وهذا بيان لمراده فيما فعل من اختيار ذات الشوكة على غيرها لهم ونصرتهم عليها (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) المشركون ذلك.
٩ ـ (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) بدل من إذ يعدكم ، أو متعلق بقوله ليحقّ الحقّ ويبطل الباطل ، واستغاثتهم أنّهم لما علموا أنه لا بدّ من القتال طفقوا يدعون الله يقولون أي ربّنا انصرنا على عدوك ، يا غيّاث المستغيثين أغثنا ، وهي طلب الغوث ، وهو التخليص من المكروه (فَاسْتَجابَ لَكُمْ) فأجاب ، وأصل (أَنِّي مُمِدُّكُمْ) بأني ممدّكم ، فحذف الجارّ وسلّط عليه استجاب ، فنصب محلّه (بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) مدني (١) ، غيره بكسر الدال ، فالكسر على أنهم أردفوا غيرهم ، والفتح على أنه أردف كلّ ملك ملكا آخر ، يقال ردفه إذا تبعه وأردفته إياه إذا اتبعته.
١٠ ـ (وَما جَعَلَهُ اللهُ) أي الإمداد الذي دل عليه ممدّكم (إِلَّا بُشْرى) إلّا بشارة لكم بالنصر (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) يعني أنكم استغثتم وتضرّعتم لقلّتكم ، فكان الإمداد بالملائكة بشارة لكم بالنصر ، وتسكينا منكم ، وربطا على قلوبكم (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي ولا تحسبوا النصر من الملائكة فإنّ الناصر هو الله لكم وللملائكة ، أو وما النصر من الملائكة وغيرهم من الأسباب إلّا من عند الله ، والمنصور من نصره الله ، واختلف في قتال الملائكة يوم بدر فقيل : نزل جبريل عليهالسلام في خمسمائة ملك على الميمنة وفيها أبو بكر رضي الله عنه ، وميكائل في خمسمائة على الميسرة وفيها علي رضي الله عنه في صور (٢) الرجال عليهم ثياب بيض وعمائم بيض قد أرخوا أذنابها بين أكتافهم ، فقاتلت حتى قال أبو جهل لابن مسعود : من أين كان يأتينا الضرب ولا نرى الشخص؟ قال : من قبل الملائكة ، قال : فهم غلبونا لا أنتم ، وقيل لم يقاتلوا وإنما كانوا يكثرون السواد ويثبّتون المؤمنين ، وإلا فملك واحد كاف في إهلاك أهل الدنيا (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) بنصر أوليائه (حَكِيمٌ) بقهر أعدائه.
__________________
(١) أي مردفين بفتح الدال.
(٢) في (ظ) و (ز) صورة.