المعتزلة وأبو القاسم البلخي خاصّة وجماعة من المرجئة.
نعم شاع تفسير
الإرادة بالعلم بالمصلحة الداعية ، في عصر متأخّر عن الشيخ المفيد ، ومن ثمّ
اعتبروا الإرادة صفة ذاتيّة ولم يعتبروها من صفات الفعل. قال أبو الحسين البصري :
الإرادة عبارة عن علمه تعالى بما في الفعل من المصلحة ، الداعي إلى إيجاده في
ظرفه.
وهكذا ذكر
العلّامة الطباطبائي عنهم أنّهم قالوا : إنّ إرادته تعالى علمه بالنظام الأصلح أي
علمه بكون الفعل خيرا ، فهي وجه من وجوه علمه تعالى.
وهذا ما يعود
إلى ما ذكره الحكيم السبزواري : أنّ إرادته تعالى عين ذاته وعين علمه وعين الداعي [الباعث
على إيجاد المراد].
ومن ثمّ قال
العلّامة المجلسي ـ تعقيبا على حديث صفوان ـ : اعلم أنّ إرادة الله تعالى ـ كما ذهب إليه أكثر متكلّمي الإماميّة ـ هي
العلم بالخير والنفع وما هو الأصلح ، ولا يثبتون له تعالى وراء العلم شيئا.
واعترض عليه
سيّدنا الطباطبائي ـ في الهامش ـ بأنّ الذي ذكروه إنّما هو في الإرادة الذاتيّة ،
التي هي عين الذات ـ إن صحّ تصويرهم لذلك ـ. وأمّا الإرادة التي جاءت في الأخبار (الأحاديث
المرويّة عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام) فهي الإرادة التي هي من الصفات الفعليّة كالخلق
والرزق. وهذه الإرادة هي نفس الفعل ، كما ذكره شيخنا المفيد رحمهالله.
قلت : تقسيم
الإرادة إلى ذاتيّة وفعليّة ، تقسيم غريب عن اللغة ومتفاهم الأعراف والتي هي لغة
القرآن التي خاطب بها الناس في متفاهمهم. هذا مع عدم إمكان تصوير الإرادة صفة
ذاتيّة أزليّة سرمديّة ، نظير صفة العلم والقدرة والحياة فيه تعالى. الأمر الذي
أرمز إليه العلّامة الطباطبائي بقوله : «إن صحّ تصويرهم لذلك». وبذلك أبدى تشكيكه
في إمكان تصويره ومن ثمّ نسب القول به إلى
__________________