اجتلدوا بالسيوف. فاجتلد الّذين عبدوه والّذين لم يعبدوه بالسيوف ، فكان من قتل من الفريقين شهيدا ، حتّى كثر القتلى حتّى كادوا أن يهلكوا حتّى قتل بينهم سبعون ألفا ، وحتّى دعا موسى وهارون : ربّنا هلكت بنو إسرائيل ، ربّنا البقيّة البقيّة (١)! فأمرهم أن يضعوا السلاح ، وتاب عليهم. فكان من قتل شهيدا ، ومن بقي كان مكفّرا عنه. فلذلك قوله : (فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(٢).
[٢ / ١٩١٧] وعن ابن جريج ، قال : قال لي عطاء : سمعت عبيد بن عمير يقول : قام بعضهم إلى بعض يقتل بعضهم بعضا ، ما يتوقّى الرجل أخاه ولا أباه ولا ابنه ولا أحدا حتّى نزلت التوبة.
قال ابن جريج ، وقال ابن عبّاس : بلغ قتلاهم سبعين ألفا ، ثمّ رفع الله عزوجل عنهم القتل ، وتاب عليهم. قال ابن جريج : قاموا صفّين ، فاقتتلوا بينهم ، فجعل الله القتل لمن قتل منهم شهادة ، وكانت توبة لمن بقي. وكان قتل بعضهم بعضا أنّ الله علم أنّ ناسا منهم علموا أنّ العجل باطل فلم يمنعهم أن ينكروا عليهم إلّا مخافة القتال ، فلذلك أمر أن يقتل بعضهم بعضا (٣).
[٢ / ١٩١٨] وعن القاسم بن أبي بزّة أنّه سمع سعيد بن جبير ومجاهدا قالا : قام بعضهم إلى بعض بالخناجر يقتل بعضهم بعضا لا يحنّ (٤) رجل على رجل قريب ولا بعيد ، حتّى ألوى موسى بثوبه ، فطرحوا ما بأيديهم ، فتكشّف عن سبعين ألف قتيل ، وإنّ الله أوحى إلى موسى أن حسبي قد اكتفيت ، فذلك حين ألوى بثوبه (٥). (٦).
[٢ / ١٩١٩] وعن أبي العالية في قوله : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) الآية ، قال : فصاروا صفّين ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ، فبلغ القتلى ما شاء الله ، ثمّ قيل لهم : قد تيب على القاتل والمقتول (٧).
__________________
(١) يدعوان ربّهما أن يبقي بقيّة منهم.
(٢) الطبري ١ : ٤٠٨ ـ ٤٠٩ / ٧٨٧ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١١١ / ٥٣٣ ، من قوله : فاجتلد الّذين عبدوه والّذين لم يعبدوه.
(٣) الطبري ١ : ٤١٠ / ٧٩٢.
(٤) حنّ عليه : عطف عليه.
(٥) ألوى بثوبه : أشار به يأمرهم بالكفّ عمّا هم فيه.
(٦) الطبري ١ : ٤٠٨ / ٧٨٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١١٠ / ٥٢٨.
(٧) الطبري ١ : ٤٠٩ / ٧٨٩.