إن قلت : نعم ، ولكن العقل يستقل بقبح الاقدام على ما لا تؤمن مفسدته ، وأنه كالاقدام على ما علم مفسدته ، كما استدل به شيخ الطائفة (قدسسره) ، على أن الاشياء على الحظر أو الوقف (١).
______________________________________________________
(١) توضيحه انه قد تقدم الاستدلال بقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، ولكن الظاهر من شيخ الطائفة دعوى استقلال العقل بقبح الاقدام على محتمل المفسدة ، فيكون ـ على هذا ـ احتمال المفسدة موضوعا لحكم العقل بالقبح.
والحاصل : ان ما تقدم كان مبنيا على ان محتمل الحرمة والوجوب محتمل الضرر ، وقد عرفت الايراد عليه سواء كان المراد من الضرر هو العقوبة الاخروية او الدنيوية ، ومبنى الاستدلال في ان قلت هو كون حكم العقل بقبح الاقدام على محتمل المفسدة ، لا من ناحية احتمال الضرر ، بل هو بنفسه مما يحكم العقل بقبح الاقدام عليه ، وعلى هذا المبنى قال الشيخ (قدسسره) بان الاشياء على الحظر أي حكمها المنع او الوقف حتى يتبيّن أمرها.
والحاصل : ان الظاهر من كلامه (قدسسره) ان هناك حكمين للعقل مستقلين : حكم بالقبح على نفس الاقدام في محتمل المفسدة بعنوان كونه محتمل المفسدة ، وحكم بالقبح على الاقدام على معلوم المفسدة ، وان الظاهر منه ايضا دعوى استقلال العقل بقبح الاقدام على ما لا يؤمن مفسدته هي الاعم من المفسدة النوعية والشخصية ، والّا لو كانت هي خصوص المفسدة الشخصية لما صح ان يكون نقضا في المقام لما مرّ من ان جلّ التكاليف مصالحها ومفاسدها نوعية ، فلا يكون من مصاديق هذه القاعدة الشك في محتمل الوجوب والحرمة كما عرفت ، ولا يخفى انه قد مر الكلام في هذه الدعوى في مباحث الظن ايضا ، وقد اشار الى ما ذكرنا بقوله : «ان قلت نعم ولكن العقل يستقل بقبح الاقدام» أي يستقل بالقبح على نفس الاقدام «على ما لا يؤمن من مفسدته» وان ظاهره انها قاعدة في قبال قاعدة القبح على معلوم المفسدة ، ولذا قال : «وانه كالاقدام على ما علم مفسدته كما استدل به» أي كما استدل باستقلال